صفحة جزء
ثم دخلت سنة أربع وعشرين وثلاثمائة

فمن الحوادث فيها :

أن الجند أحدقوا بدار الخلافة وضربوا خيمهم فيها وحولها وملكوها ، وطولب الراضي بأن يخرج فيصلي بالناس ليراه الناس معهم ، فخرج وصلى ، وقال في خطبته : اللهم إن هؤلاء الغلمان بطانتي وظهارتي فمن أراده بسوء فأرده ، ومن كادهم بكيد فكده . وقبض الغلمان على الوزير وسألوا الخليفة أن يستوزر غيره ، فرد الخيار إليهم ، وقالوا : علي بن عيسى ، فاستحضره وعرضت عليه الوزارة فأبى وأشار بأخيه أبي علي عبد الرحمن بن عيسى ، [فقلد الوزارة وخلع عليه .

واحترقت دار ابن مقلة وحمل إلى دار عبد الرحمن بن عيسى ] ، فضرب حتى صار جسمه كأنه الباذنجان . [وأخذ خطه بألف ألف دينار ، ثم عجز عبد الرحمن بن عيسى ] عن تمشية الأمور ، وضاق الحال فاستعفى ، فقبض عليه لسبع خلون من رجب ، فكانت وزارته خمسين يوما ، وقلد الوزارة أبو جعفر محمد بن القاسم الكرخي ، ثم عزل ، وقلد سليمان بن الحسن وكان هذا كله من عمل الأتراك والغلمان .

ومن العجائب : أن دار ابن مقلة احترقت في مثل اليوم الذي أمر فيه بإحراق دار [ ص: 357 ] سليمان بن الحسن بباب المحول [في ] مثل ذلك الشهر بينهما سنة ، وكتب على حيطان دار ابن مقلة :


أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر     وسالمتك الليالي فاغتررت بها
وعند صفو الليالي يحدث الكدر

وغلا السعر ، فجاع الناس وعدم الخبز خمسة أيام ، ووقع الطاعون ، واقترب بذلك الموت ، وخص ذلك الضعفاء ، وكان يجعل على النعش اثنين ، وربما كان بينهما صبي ، وربما بقي الموتى على الطريق على حالهم ، وربما حفرت حفائر [كبار ] فيلقى في الحفيرة خلق كثير ، ومات بأصبهان نحو مائتي ألف .

ووقع حريق بعمان فاحترق من العبيد السود سوى البيض [اثنا عشر ألفا و ] أربعمائة حمل كافور .

التالي السابق


الخدمات العلمية