صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

3574 - إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن سعيد ، أبو القاسم السامري من أهل نيسابور :

سمع الحديث الكثير من أبي بكر الحيري ، وأبي سعيد الصيرفي ، وابن باكويه وغيرهم ، وسافر البلاد ، وعبر وراء النهر . روى عنه أشياخنا ، وكان ثقة فاضلا له حظ من الأدب ومعرفة بالعربية ، وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة بنيسابور .

3575 - شافع بن صالح بن حاتم ، أبو محمد الجيلي :

سمع من أبي علي بن المذهب والعشاري ، وأبي يعلى بن الفراء وعليه تفقه .

توفي في صفر هذه السنة .

3576 - طاهر بن الحسين ، أبو الوفاء البندنيجي الهمذاني :

كان شاعرا مبرزا ، له قوة في لزوم ما لا يلزم ، وله قصيدتان إحداهما في مدح نظام

[ ص: 272 ]

الملك وهي نيف وأربعون بيتا غير معجمة كلها أولها .


لاموا ولو علموا ما اللوم ما لاموا ورد لومهم هم وآلام

وأخرى معجمة كلها نحوها في العدد ، وكان قويا في علم النحو واللغة والعروض ، ولم يمدح لابتغاء عرض ، وكان يعد ذلك عارا .

توفي في رمضان هذه السنة عن نيف وسبعين سنة بالبندنيجين .

3577 - عبد الله بن نصر ، أبو محمد الحجادي .

سمع الحديث ، وصحب الزهاد ، وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل ، وكان خشن العيش في عبادته ، وحج على قدميه بضع عشرة سنة ودفن في ربيع الأول من هذه السنة بباب حرب .

3578 - عبد الملك بن الحسن بن خيرون بن إبراهيم ، أبو القاسم الدباس ، أخو أبي الفضل ابن خيرون أبو شيخنا أبي منصور .

كان رجلا صالحا من خيار البغداديين ، روى عنه ابنه ، وشيخنا عبد الوهاب .

توفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب .

3579 - فاطمة بنت علي المؤدب ، المعروفة: ببنت الأقرع الكاتبة :

سمعت أبا عمر بن مهدي وغيره ، حدثنا عنها أشياخنا ، وكان خطها مستحسنا في الغاية ، وكانت تكتب على طريقة ابن البواب ، وكتب الناس على خطها ، وأهلت لحسن [ ص: 273 ] خطها لكتابة كتاب "الهدنة" إلى ملك الروم من الديوان العزيز ، وسافرت إلى بلاد الجبل إلى عميد الملك أبي نصر الكندري .

وسمعت شيخنا أبا بكر محمد بن عبد الباقي البزار يقول: الكاتبة فاطمة بنت الأقرع تقول: كتبت ورقة لعميد الملك الكندري فأعطاني ألف دينار .

وتوفيت في محرم هذه السنة ، ودفنت بباب أبرز .

3580 - محمد بن أمير المؤمنين المقتدي [بأمر الله .

توفي عن جدري وقد قارب تسع سنين ، فاشتدت الرزيئة فيه ، وجلس للعزاء بباب الفردوس ثلاثة أيام ، وحضر الناس على طبقاتهم ، فخرج التوقيع يتضمن أن أمير المؤمنين أولى من اقتدى بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى يقول: الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون الآية .

وذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات ولده إبراهيم ، وقد عزى أمير المؤمنين نفسه بما عزى الله تعالى به الأمة بعد نبيه بقوله: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فإنا لله وإنا إليه راجعون ، تسليما لحكمه ورضا بقضائه ، فليعلم الحاضرون ما رجع إليه أمير المؤمنين وأن العلم الشريف محيط بحضورهم ، وليؤذن لهم في الانكفاء .

3581 - محمد بن [محمد] بن زيد [بن علي بن موسى] بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الحسيني ، ذو الكنيتين: أبو المعالي وأبو الحسن ، الملقب: بالمرتضى [ذو الشرفين] . [ ص: 274 ]

ولد سنة خمس وأربعمائة ، وسمع الحديث الكثير ، وصحب أبا بكر الخطيب ، وتلمذ له وأخذ عنه علم الحديث ، فصارت له به معرفة حسنة ، وسمع بقراءته الكثير من شيوخه ، وروى عنه الخطيب في مصنفاته ، وكان بغدادي المولد والمنشأ ، ثم سكن سمرقند ، وأملى الحديث بأصبهان وغيرها ، وكان يرجع إلى عقل كامل ، وفضل وافر ، ورأي صائب ، وصنف فأجاد ، وكان له دنيا وافرة ، وكان يملك نحو أربعين قرية بنواحي كش ، وكان يخرج زكاة ماله ثم يتنفل بالصدقة الوافرة ، فكان ينفذ إلى جماعة من الأئمة الأموال إلى كل بلد واحد من ألف دينار إلى خمسمائة إلى سبعمائة ، فربما بلغ ببعثه عشرة آلاف دينار ، وكان يقول: هذه زكاة مالي ، وأنا غريب لا أعرف الفقراء ففرقوها أنتم عليهم ، وكل من أعطيتموه شيئا من المال فابعثوه إلي حتى أعطيه عشر الغلة ، وكان يصرف أمواله إلى سبل البر .

وحسده قاضي البلد فقال للخضر بن إبراهيم وهو ملك ما وراء النهر: إن له بستانا ليس للملوك مثله . فبعث إليه أني أريد أن أحضر بستانك . فقال للرسول: لا سبيل إلى ذلك ، لأني عمرته من المال الحلال ليجتمع عندي فيه أهل الدين ، فلا أمكنه من الشرب فيه . فأخبر الأمير فغضب ، وأعاد الرسول فأعاد الشريف الجواب ، وأراد أن يقبض عليه فاختفى ، وطلب فلم ير ، فأظهروا أن الخضر قد ندم على ما كان فعل ، فظهر فبعث إليه الأمير بعد مدة نريد أن نشاورك في مهمات ، فحضر فحبسه واستولى على أمواله .

فحكى بعض وكلائه قال: توصلت إليه وقلت إنهم يأخذون مالك من غير اختيارك فأعطهم ما يريدون وتخلص . فقال: لا أفعل وقد طاب لي الحبس والجوع ، فإني كنت أفكر في نفسي منذ مدة وأقول من يكون من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد أن يبتلى في ماله ونفسه ، وأنا قد ربيت في النعم والدولة ، فلعل في خللا ، فلما وقعت هذه الواقعة [ ص: 275 ] فرحت بها ، وعلمت أن نسبي صحيح متصل برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أفعل شيئا إلا برضى الله تعالى ، فمنعوه من الطعام فمات .

وكان هذا في هذه السنة ، وأخرج في الليل من القلعة ، فلما علم ولده نقله إلى موضع آخر ، فقبره هناك يزار .

وحكى أبو العباس جعفر بن أحمد الطبري قال: رأيت المرتضى أبا المعالي بعد موته وهو في الجنة بين يديه مائدة طعام موضوعة . فقيل له: ألا تأكل؟ قال: لا حتى يجيء ابني فإنه غدا يجيء ، فلما انتبهت من نومي قتل ابنه الظهر في ذلك اليوم .

3582 - محمد بن أبي سعد ، أحمد بن الحسن بن علي بن سليمان بن الفرج ، أبو الفضل المعروف بالبغدادي ، وهو من أهل أصبهان .

ولد في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة ، وسمع وحدث ووعظ ، وكان يوصف بالفصاحة والعلم بالتفسير والمعاني . روى عنه ولده أبو سعد شيخنا وعبد الوهاب الحافظ . توفي ببغداد عند رجوعه من الحج في صفر هذه السنة .

3583 - محمد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم ، أبو الحسن الصابي ، الملقب: بغرس النعمة .

سمع أباه وأبا علي بن شاذان . وذيل على تاريخ والده الذي ذيله أبوه على تاريخ ثابت بن سنان الذي ذيله على تاريخ ابن جرير ، وكان له صدقة ومعروف ، وخلف سبعين ألف دينار . توفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن في داره بشارع ابن عوف ، ثم نقل إلى مشهد علي عليه السلام .

قال المصنف [رحمه الله] : ونقلت من خط أبى الوفاء بن عقيل قال: حضرنا عند بعض الصدور فقال: هل بقي ببغداد مؤرخ بعد ابن الصابي؟ فقال القوم: لا!

[ ص: 276 ]

فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله ، يخلو هذا البلد العظيم من مؤرخ حنبلي - يعني ابن عقيل نفسه - هذا مما يجب حمد الله عليه ، فإنه لما كان البلد مملوءا بالأخيار وأهل المناقب قيض الله لها من يحكيها ، فلما عدموا وبقي المؤذي والذميم الفعل أعدم المؤرخ ، وكان هذا ستر عورة .

وحكى عنه هبة الله بن المبارك السقطي: أنه كان يجازف في تاريخه ، ويذكر ما ليس بصحيح ، قال: وقد ابتنى بشارع ابن أبي عوف دار كتب ، ووقف فيها نحوا من أربعمائة مجلد في فنون العلوم ، ورتب بها خازنا يقال له: ابن الأقساسي العلوي ، وتكرر العلماء إليها سنين كثيرة ما لم تزل له أجرة ، فصرف الخازن وحك ذكر الوقف من الكتب وباعها ، فأنكرت ذلك عليه فقال: قد استغنى عنها بدار الكتب النظاية .

قال المصنف: فقلت بيع الكتب بعد وقفها محظور . فقال: قد صرفت ثمنها في الصدقات .

3584 - هبة الله بن علي بن محمد بن أحمد المحلى ، أبو نصر :

سمع ابن المهتدي ، وابن المأمون ، والخطيب وخلقا كثيرا ، وكتب الكثير ، وكان حلو الخط ، وصنف وجمع وأنشأ الخطب والمواعظ ، وأدركته المنية قبل بلوغ زمان الرواية ، وإنما سمع منه القليل ، فتوفي في هذه السنة ودفن بمقبرة جامع المنصور .

3585 - أبو بكر بن عمر .

أمير الملثمين ، كان بأرض غانة في مجاهدة الكفار ، وقام له ناموس لم يقم مثله لأحد بالدين والزهد ، وكان يركب إذا ركب أصحابه ، ويطعم إذا طعموا ، ويجوع إذا جاعوا وقد قيل إنه لم يتوجه في وجه من مجاهدة أو دفع عدو في أقل من خمسمائة ألف كل يعتقد طاعة الله تعالى في طاعته ، وكان يحفظ الحرمات ، ويراعي قوانين الإسلام مع صحة المعتقد ، وموالاة الدولة العباسية ، فأصابته نشابة في حلقه فمات بها في هذه السنة عن نيف وستين سنة . [ ص: 277 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية