صفحة جزء
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها:

أنه في المحرم قتل رجل يقال (له علي الحمامي زوجته لأمر اتهمها به وهرب .

وخلع على إقبال الخادم خلع الملوك ، ولقب ملك العرب سيف الدولة ، فركب بالخلع فحضر الديوان فقرئ عليه منشور ونثر عليه دنانير .

ووقع الاتفاق مع زنكي بن آقسنقر ، ووصلت رسله بالحمل والهدايا .

وعزل أنوشروان بن خالد عن الوزارة من غير أن يؤذي بسبب بل نزل في سفينة بعد العتمة وصعد إلى داره بالحريم ، وأعيد إليها أبو القاسم بن طراد .

وقبض على نظر الخادم وحبس في سرداب واستصفيت أمواله .

وفي ربيع الأول من هذه السنة: خلع على الوزير ابن طراد خلع الوزارة وزيد في مركب الفرس طوقا وأعطى ثلاثة عشر عملا كوسات وأعماما ومهدا وركب إلى الديوان .

وفي جمادى الأولى: بعث القاضي الهيتي رسولا إلى زنكي إلى الموصل ، وعاد في جمادى الآخرة وبين يديه فرس ومركب ذهب خلعه عليه زنكي . [ ص: 283 ]

وقدم رسول سنجر فخلع عليه وهيئت خلع لسنجر بمائة ألف ونيف وعشرين ألف دينار ، فرحل بها ابن الأنباري مع رسول سنجر في جمادى الآخرة ، ثم بعث المسترشد إلى بهروز الخادم إلى القلعة يقول له: أنت مقيم ومعك الأموال ، فينبغي أن تعطينا منها شيئا نفرقه على العسكر ، فأبى ، فبعث إليه عسكرا فحاصره ووقع القتال في أول شعبان ، ثم صانع بإنفاذ مال .

وفي هذه الأيام حبس محمود المولد في ممطورة ، واتهم بأنه يكتب ملطفات .

وقدم البقش السلاحي طالبا للخدمة مع المسترشد ، وهو من أكابر الأتراك ، وخلع الخليفة على جميع الأمراء ثم عرض العسكر يوم عيد الفطر ونودي: لا يختلط بالعساكر أحد من العوام ، ومن ركب بغلا أو حمارا في هذا اليوم أبيح دمه فما تجاسر أحد أن يفعل ذلك ، وخرج الوزير شرف الدين وصاحب المخزن وقاضي القضاة ونقيب النقباء وأرباب الدولة في زي لم ير مثله من الخيل المجفجفة ، والعسكر اللابس والعدة الحسنة ، وكل أمير يقبل في أصحابه بخلعة الخليفة فكان العسكر خمسة عشر ألف فارس سوى من كان غائبا عن البلد ، ولم ير عيد خرج فيه أرباب المناصب إلا هذا .

وفي حادي عشر شوال: وقع حريق في خان السلسلة الذي عند باب دار الخليفة ، فتلف مال لا يحصى ، وسببه أن الخاني طبخ فعلقت النار بشيء وهو لا يعلم ، فلما علم ظن أنه لا يقدر على إطفائه فلم يفتح الباب لأحد فاستوعب النار الكل . [ ص: 284 ]

وفي هذه السنة: عاد طغرل إلى همذان ، ومالت العساكر إليه ، وتوطد له الملك وانحل أمر أخيه مسعود ، وكان السبب أن الخليفة بعث بخلع إلى خوارزم شاه فأشار دبيس على طغرل فقال: الصواب أن تأخذ هذه الخلع وتظهر أن الخليفة قد نفذها لنا فلا يبقى مع مسعود أحد ، وبعث الخليفة: إلى مسعود يستحثه على المجيء ليرفع منه ، فدخل أصبهان في زي التركمان ، وخاطر إلى أن دخل بغداد في نحو ثلاثين فارسا ، فبعث إليه التحف الكثيرة ، ووجدت ملطفات مع قوم إلى طغرل فاستكشف الوزير الحال ، فإذا هي جواب مكتوب قد كتبه طغرل إلى الأمراء الذين مع الخليفة ، وقد نفذ لهم خاتمه ، فلما وقف على ذلك الخليفة قبض على أحد الأمراء فهرب البقية إلى السلطان مسعود ورموا أنفسهم بين يديه ، وقالوا: نحن عبيدك ، فإذا خذلتنا قتلنا الخليفة ، فبعث الخليفة يطلبهم فقال: قد اجتمعوا بي فلا أسلمهم ، فقال أمير المؤمنين: إنما أفعل هذا لأجلك وأنصبك نوبة بعد نوبة . ووقع الاختلاف بينهما واختلط العسكر ومدوا أيديهم إلى أذى المسلمين ، وتعذر المشي في الحال ، فبعث إليه الخليفة يقول له: تنصرف إلى بعض الجهات وتأخذ العسكر الذين صاروا إليك ، فرحل يوم الاثنين رابع عشرين ذي الحجة والقلوب غير طيبة ، فأقام بدار الغربة .

وتواترت الأخبار بتوجه طغرل إلى العراق ، فلما كان يوم السبت سلخ ذي الحجة نفذ الخليفة إلى مسعود الخلع والطوق والتاج وتخوت ثياب وتحف بثلاثين ألف دينار ، وصحبها النقيبان ومرتجى الخادم ، فلما وصلت الخلع إليه أقام ولم يرحل .

وفي هذا الشهر: نقضت دار خواجا بزرك على شاطئ دجلة في مشرعة درب زاخل ، ونقلت آلتها إلى دار الخليفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية