صفحة جزء
ومنهم: برصيصا:

[ أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال: أخبرنا عاصم بن علي قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: أبو بكر بن عبيد ، حدثنا عبد الرحمن بن يونس قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: سمع عمرو بن دينار عروة بن عامر سمع عبيد بن رفاعة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كان راهب في بني إسرائيل فأخذ الشيطان جارية لخنقها وألقى في قلوب أهلها أن دواءها عند الراهب ، فأتي بها الراهب ، فأبى أن يقبلها ، فلم يزالوا حتى قبلها ، وكانت عنده ، فأتاه الشيطان فزين له حتى وقع عليها ، ثم أتاه فقال: الآن تفتضح ويأتيك أهلها فاقتلها ، فإن أتوك [ فقل ] ماتت فقتلها ودفنها ، فأتى الشيطان أهلها فوسوس إليهم فألقى في قلوبهم أني أحبلتها ثم قتلتها ودفنتها ، فأتاه أهلها فسألوه ، فقال: ماتت .

فأخذوه فأتاه الشيطان فقال: أنا أخذتها ، وأنا الذي ألقيت في قلوب أهلها وأنا الذي أوقعتك في هذا فأطعني واسجد لي سجدتين فسجد له سجدتين ، فهو الذي قال الله تعالى: كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين
.

قال مؤلف الكتاب: وقد روي هذا الحديث على صفة أخرى ] .

أخبرنا محمد بن ناصر قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن خيرون قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو علي الطوماري قال: أخبرنا أبو الحسن بن البراء قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه قال: ذكر وهب بن منبه أن عابدا كان في بني إسرائيل ، وكان من أعبد أهل زمانه ، [ ص: 159 ] وكان في زمانه ثلاثة إخوة وكانت لهم أخت وكانت بكرا [ ، ليست لهم أخت غيرها ] فخرج البعث عليهم فلم يدروا عند من يخلفون أختهم ولا من يأمنون عليها [ ولا عند من يضعونها ] ، فأجمع رأيهم على أن يخلفوها عند عابد بني إسرائيل [ كان ثقة في أنفسهم ، فأتوه ] فسألوه أن يخلفوها عنده فأبى ذلك فلم يزالوا به حتى أطاعهم .

فقال: أنزلوها في بيت حذاء صومعتي فأنزلوها في ذلك البيت ، ثم انطلقوا وتركوها ، فمكثت في جوار ذلك العابد زمانا ينزل إليها الطعام من [ صومعته ] فيضعه عند باب الصومعة ، ثم يغلق بابه ويصعد في صومعته ، ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضع لها من الطعام قال: فتلطف له الشيطان فلم يزل يرغبه في الخير ويعظم عليه خروج الجارية من بيتها نهارا ويخوفه أن يراها أحد فيعلقها ، فلم يزل حتى مشى بطعامها حتى وضعه على باب بيتها ، ولا يكلمها .

قال: فلبث بذلك زمانا ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير والأجر [ وحضه عليه ] وقال: لو كنت تمشي إليها بطعامها حتى تضعه في بيتها كان أعظم لأجرك . قال: فلم يزل حتى مشى إليها بطعامها حتى يضعه في بيتها . قال: فثبت بذلك زمانا ، ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير وحضه عليه ، وقال له: لو كنت تكلمها وتحدثها حتى تستأنس بحديثك ، فإنها قد استوحشت وحشة شديدة قال: فلم يزل به حتى حدثها زمانا يطلع إليها من صومعته ، قال: ثم أتاه إبليس بعد ذلك فقال: لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك وتحدثها ، وتقعد هي على باب بيتها فتحدثك كان آنس بها ، فلم يزل به حتى أنزله فأجلسه على باب صومعته يحدثها وتخرج الجارية من بيتها حتى تقعد على باب بيتها ، قال: فلبثا زمانا يتحادثان .

ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير ، فقال: لو خرجت من باب صومعتك فجلست قريبا منها فحدثتها كان آنس لها ، [ ص: 160 ] فلم يزل به حتى فعل فلبثا بذلك زمانا ، ثم جاءه إبليس فقال: لو دنوت من باب بيتها ، ثم قال: لو دخلت البيت فحدثتها ولم [ تتركها ] تبرز وجهها لأحد كان أحسن ، فلم يزل به حتى دخل البيت ، فجعل يحدثها نهاره كله ، فإذا أمسى صعد في صومعته . قال: ثم أتاه إبليس بعد ذلك فلم يزل يزينها له حتى ضرب العابد على فخذها وقبلها ، فلم يزل إبليس يحسنها في عينه ويسول له حتى وقع عليها فأحبلها ، فولدت غلاما .

فجاءه إبليس فقال [ له: ] أرأيت إن جاء إخوة هذه الجارية وقد ولدت منك ، كيف تصنع ؟ فاعمد إلى ولدها فاذبحه وادفنه ، فإنها ستكتم ذلك عليك مخافة إخوتها ، ففعل ، فقال: أتراها تكتم ما فعلت ؟ خذها فاذبحها وادفنها مع ابنها ، فذبحها وألقاها في الحفرة مع ابنها ، فذبحها كما قلنا ، فمكث بذلك ما شاء الله حتى قفل إخوتها من الغزو فجاءوا فسألوه عن أختهم فنعاها لهم وترحم عليها وبكى ، وقال: كانت خير امرأة وهذا قبرها ، فأتى إخوتها القبر ، فبكوا أختهم وترحموا عليها ، وأقاموا على قبرها أياما ، ثم انصرفوا إلى أهاليهم .

فلما جنهم الليل وأخذوا مضاجعهم أتاهم الشيطان في النوم فبدأ بأكبرهم فسأله عن أختهم فأخبره بقول العابد وبموتها ، فكذبه الشيطان ، وقال: لم يصدقكم أمر أختكم إنه قد أحبل أختكم وولدت منه غلاما فذبحه وذبحها معه خوفا منكم فألقاها في حفيرة خلف باب البيت ، فأتى الأوسط في منامه فقال له مثل ذلك ، ثم أتى أصغرهم فقال له مثل ذلك ، فلما استيقظ القوم استيقظوا متعجبين لما رأى كل واحد منهم ، فأقبل بعضهم إلى بعض يقول لقد رأيت عجبا ، فأخبر بعضهم بعضا مما رأى ، فقال أكبرهم: هذا حلم ليس بشيء فامضوا بنا ودعوا هذا ، فقال صغيرهم: لا أمضي حتى آتي الموضع فأنظر فيه ، فانطلقوا فبحثوا الموضع فوجدوا أختهم وابنها مذبوحين ، فسألوا عنها العابد ، فصدق قول إبليس فيما صنع بها .

قال: فاستعدوا عليهم ملكهم ، فأنزل من صومعته وقدموه ليصلب ، فلما أوثقوه على الخشبة أتاه الشيطان فقال: قد علمت ، إني صاحبك الذي فتنتك في المرأة حتى أحبلتها وذبحتها وابنها ، فإن أنت أطعتني اليوم وكفرت بالله الذي خلقك خلصتك مما أنت فيه ، فكفر العابد بالله سبحانه ، فلما كفر خلى الشيطان [ ص: 161 ] بينه وبين أصحابه فصلبوه ففيه نزلت هذه الآية كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله إلى قوله: جزاء الظالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية