صفحة جزء
ومن الحوادث في سنة عشرين من مولده صلى الله عليه وسلم

حرب الفجار الثاني عند بعض الرواة . وقد سبق ذكره .

ومن الحوادث هذه السنة : حلف الفضول :

وحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم . قاله ابن قتيبة .

سببه: أن قريشا كانت تتظالم في الحرم فقام عبد الله بن جدعان والزبير بن عبد المطلب ، فدعوا إلى التحالف على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم ، فأجابوهما ، وتحالفوا في دار ابن جدعان .

أنبأنا يحيى بن الحسين بن البنا قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال:

حدثني أبو الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة قال:

كان سبب حلف الفضول أن رجلا من أهل اليمن قدم مكة ببضاعة فاشتراها رجل [ ص: 309 ] من بني سهم فلوى الرجل بحقه ، فسأله ماله فأبى عليه ، فسأله [متاعه] فأبى عليه ، فقام على الحجر وجعل يقول :


يال قصي لمظلوم بضاعته ببطن مكة نائي الدار والنفر     أقائم من بني سهم بذمتهم
أم ذاهب في ضلال مال معتمر

قال: وقال بعض العلماء: إن قيس بن شبة السلمي باع متاعا من أبي بن خلف فلواه وذهب بحقه ، فاستجار برجل من بني جمح فلم يقم بجواره ، فقال قيس بن شبة :


يال قصي كيف هذا في الحرم     وحرمة البيت وأخلاقه الكرم


أظلم لا يمنع مني من ظلم



فقام العباس وأبو سفيان حتى ردا عليه ، فاجتمعت بطون من قريش في دار عبد الله بن جدعان فتحالفوا على رد المظالم بمكة وأن لا يظلم أحد إلا منعوه وأخذوا له بحقه ، وكان حلفهم في دار عبد الله بن جدعان .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد شهدت حلفا في دار [عبد الله] بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو دعيت به لأجبت . فقال [قوم] من قريش: هذا والله فضل من الحلف فسمي حلف الفضول .

قال الزبير: وقال آخرون: تحالفوا على مثل حلف تحالف عليه قوم من جرهم في هذا الأمر ، أن لا يقروا ظلما ببطن مكة إلا غيروه ، وأسماؤهم: الفضل بن شراعة ، والفضل بن بضاعة ، والفضل بن قضاعة . [ ص: 310 ]

قال مؤلف الكتاب : والله أعلم أي ذلك كان .

قال الزبير : وحدثني عبد العزيز ابن عم العنسي قال:

أهل حلف الفضول : بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وبنو أسد بن عبد العزى ، وبنو زهرة ، وبنو تيم ، تحالفوا بينهم بالله أن لا يظلم أحد إلا كنا حمية مع المظلوم على الظالم حتى نأخذ له مظلمته ممن ظلمه ، شريفا كان أو وضيعا .

قال الزبير : وحدثني إبراهيم بن حمزة ، عن جدي عبد الله بن مصعب ، عن أبيه قال:

إنما سمي حلف الفضول : أنه كان في جرهم رجال يردون المظالم يقال لهم:

فضيل ، وفضال ، ومفضل ، وفضل ، فلذلك سمي: حلف الفضول .

قال: وحدثني محمد بن حسن ، عن نوفل بن عمارة ، عن إسحاق بن الفضل قال:

إنما سمت قريش هذا الحلف حلف الفضول: أن نفرا من جرهم يقال لهم:

الفضل ، وفضال ، والفضيل ، تحالفوا على مثل ما تحالفت عليه هذه القبائل .

قال: وحدثني محمد بن حسن ، عن نصر بن مزاحم ، عن معروف بن خربوذ قال:

تداعت بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وأسد ، وتيم فاحتلفوا على أن لا يدعوا بمكة كلها ولا في الأحابيش مظلوما يدعوهم إلى نصرته إلا أنجدوه حتى يردوا إليه مظلمته [ ص: 311 ] أو يبلوا في ذلك عذرا ، وكره ذلك سائر المطيبين والأحلاف بأسرهم وسموه حلف الفضول عيبا لهم ، وقالوا: هذا من فضول القول ، فسمي حلف الفضول .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا ابن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني الضحاك بن عثمان ، عن عبد الله بن عروة بن الزبير ، عن أبيه قال: سمعت حكيم بن حزام يقول:

كان حلف الفضول منصرف قريش من الفجار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ابن عشرين سنة .

وأخبرني غير الضحاك قال: كان الفجار في شوال ، وهذا الحلف في ذي القعدة ، وكان أشرف حلف كان قط ، وأول من دعى إليه الزبير بن عبد المطلب ، فاجتمعت بنو هاشم ، وبنو زهرة ، وتيم ، في دار عبد الله بن جدعان ، فصنع لهم طعاما ، فتعاقدوا وتعاهدوا ليكونن مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه ما بل بحر صوفة ، وفي التآسي في المعاش ، فسمت قريش ذلك الحلف: حلف الفضول .

قال محمد بن عمر: فحدثني محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف ، عن عبد الرحمن بن زاهر ، عن جبير بن مطعم [قال:] قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:

[ ص: 312 ]

ما أحب أن لي بحلف حضرته في دار عبد الله بن جدعان حمر النعم ولو دعيت له لأجبت وهو حلف الفضول .

[قال محمد بن سعد ] قال ابن عمر: ولا يعلم أحد سبق بني هاشم بهذا الحلف

التالي السابق


الخدمات العلمية