صفحة جزء
ومن الحوادث في هذه السنة أنه لما أسلم حمزة وعمر رضي الله عنهما ، وحمى النجاشي من عنده من المسلمين ، وحامى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب فشا الإسلام في القبائل ، واجتهد المشركون في إخفاء ذلك النور ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره واجتمعت قريش واستمرت [ ص: 388 ] بينها أن يكتبوا كتابا يتعاهدون فيه على أن لا ينكحوا لبني هاشم وبني عبد المطلب ولا ينكحوهم ، ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم ، فكتبوا بذلك صحيفة ، وتوافقوا عليها ، وعلقوها في جوف الكعبة ، توكيدا لذلك الأمر على أنفسهم ، فلما فعلوا ذلك انحازت بنو هاشم وبنو عبد المطلب إلى أبي طالب ، فدخلوا معه في شعبه ، وخرج من هاشم أبو لهب إلى قريش فظاهر المشركين ، فأقاموا على ذلك ثلاث سنين .

وروى الواقدي عن أشياخه أنهم حصروهم في أول سنة سبع من النبوة وقطعوا عنهم الميرة والمارة ، فكانوا لا يخرجون إلا من هو منهم ، حتى بلغهم الجهد ، وسمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب ، فمن قريش من سره ذلك ، ومنهم من ساءه ، وكان خروجهم في السنة العاشرة ، وكان هشام بن عمرو بن ربيعة أفضل قريش لبني هاشم حين حصروا في الشعب ، أدخل عليهم في ليلة ثلاثة أحمال طعام ، فعلمت بذلك قريش ، فمشوا إليه ، فكلموه في ذلك ، فقال: إني عائد بشيء يخالفكم ، ثم عاد الثانية ، فأدخل حملا أو حملين ليلا فغالظته قريش وهموا به ، فقال أبو سفيان بن حرب ، دعوه رجل وصل رحمه أما إني أحلف بالله لو فعلنا مثل ما فعل ، كان أجمل [بنا] ثم إن هشاما أسلم يوم الفتح . [ ص: 389 ]

الخاتمة تم الجزء الثاني من كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم تأليف الشيخ الإمام العالم الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي غفر الله له ويتلوه الجزء الثالث:

التالي السابق


الخدمات العلمية