صفحة جزء
[ذكر العقبة الأولى]

ومن الحوادث في هذه السنة:

خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم [عامئذ] إلى الموسم وقد قدم وفد من الأنصار اثني عشر رجلا ، فلقوه بالعقبة ، وهم: أسعد بن زرارة ، وعوف ومعوذ ابنا الحارث بن [ ص: 33 ] رفاعة ، ورافع بن مالك بن العجلان ، وذكوان بن عبد قيس بن خلدة ، وعبادة بن الصامت ، ويزيد بن ثعلبة بن خزمة ، وعباس بن عبادة بن نضلة ، وعقبة بن عامر بن نابئ ، وقطبة بن عامر بن حديدة ، وأبو الهيثم بن التيهان واسمه: مالك ، وعويم بن ساعدة .

فبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فروى عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى ونحن اثنا عشر رجلا أنا أحدهم ، فبايعناه [على] بيعة النساء ، على أن لا نشرك بالله شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزني . ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف - وذلك قبل أن تفرض الحرب .

قال: فإن وفيتم بذلك فلكم الجنة ، وإن غشيتم شيئا فأمركم إلى الله ، إن شاء غفر ، وإن شاء عذب .


فلما انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعث معهم مصعب بن عمير إلى المدينة يفقه أهلها ويقرئهم القرآن ، فنزل على أسعد بن زرارة - وكان يسمى بالمدينة : المقرئ - فقال سعد بن معاذ يوما لأسيد بن حضير: ائت أسعد بن زرارة فازجره عنا ، فإنه قد بلغني أنه قد جاء بهذا الرجل الغريب معه ليسفه ضعفاءنا .

فذهب أسيد بن حضير إلى أسعد وقال: ما لنا وما لك ، تأتينا بهذا الرجل الغريب يسفه ضعفاءنا؟! . [ ص: 34 ]

فقال: أوتجلس فتسمع ، فإن رضيت أمرا قبلته ، وإن كرهته كف عنك ما تكره؟

فقال: أنصفتم . فجلس فكلمه مصعب وعرض عليه الإسلام ، وتلا عليه القرآن ، فقال: ما أحسن هذا وأجمله ، كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الدين؟

قالا له: تتطهر ، وتطهر ثيابك ، وتشهد بشهادة الحق . ففعل وخرج ، وجاء سعد بن معاذ ، فعرض عليه مصعب الإسلام فأسلم ، ثم جاء حتى وقف على بني عبد الأشهل فقال: أي رجل تعلمونني؟ قالوا: نعلمك والله خيرنا وأفضلنا ، قال: فإن كلام نسائكم ورجالكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وحده وتصدقوا محمدا . فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما ، ولم يزل مصعب يدعو الناس إلى الإسلام حتى كثر المسلمون وشاع الإسلام ، ثم إن مصعب بن عمير رجع إلى مكة قبل بيعة العقبة الثانية .

التالي السابق


الخدمات العلمية