صفحة جزء
[سرية عبد الله بن جحش الأسدي ]

وفي هذه السنة كانت سرية عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة ، في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة ، بعثه في اثني عشر رجلا من المهاجرين ، كل اثنين يعتقبان بعيرا إلى بطن نخلة ، وأمره أن يرصد بها عير قريش ، فوردت عليه ، فهابهم أهل العير ، فحلق عكاشة بن محصن رأسه ، فاطمأن القوم ، وقالوا: هم عمار ، وشكوا في ذلك اليوم ، هل هو من الشهر الحرام أم لا؟ ثم قاتلوهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي فقتله ، وشد المسلمون عليهم ، [فاستأسر عثمان بن عبد الله بن المغيرة ، والحكم بن كيسان ، وأعجزهم نوفل بن عبد الله بن المغيرة] ، واستاقوا العير ، [وكان فيها خمر وأدم وزبيب جاءوا به من الطائف ، فقدموا بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوقفه وحبس الأسيرين ، وكان الذي أسر الحكم بن كيسان المقداد بن عمرو ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلم وقتل ببئر معونة شهيدا .

وكان سعد بن أبي وقاص زميل عتبة بن غزوان على بعير لعتبة في هذه السرية ، فضل البعير بحران - وهي ناحية معدن بني سليم - فأقاما عليه يومين يبغيانه ، ومضى أصحابهم إلى نخلة فلم يشهدها سعد وعتبة ، وقدما المدينة بعدهم بأيام . [ ص: 92 ]

ويقال: إن عبد الله بن جحش لما رجع من نخلة خمس ما غنم ، وقسم بين أصحابه سائر الغنائم ، فكان أول خمس خمس في الإسلام .

ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم وقف غنائم نخلة حتى رجع من بدر ، فقسمها مع غنائم بدر ، وأعطى كل قوم حقهم .

وفي هذه السرية سمى عبد الله بن جحش أمير المؤمنين] .

وقال عروة: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن جحش كتابا ، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه ، ويمضي ولا يستكره أحدا من أصحابه ، فلما سار يومين نظر فيه ، فإذا فيه: "وإذا نظرت في كتابي هذا ، فسر حتى تنزل بطن نخلة ، فترصد بها قريشا [وتعلم لنا من أخبارهم] " وأخبر أصحابه ، فمضوا معه ، ولم يتخلف منهم أحد ، فنزل نخلة ، فمرت بهم عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة [من تجارة قريش] فيها [منهم] عمرو بن الحضرمي ، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ، وأخوه نوفل ، والحكم بن كيسان ، فتشاور القوم فيهم ، وذلك في آخر يوم من رجب .

وفي رواية عن جندب بن عبد الله قال: لم يدروا ذلك اليوم من رجب أو جمادى الآخرة .

ثم أجمعوا على الإقدام عليهم ، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن [ ص: 93 ] الحضرمي [بسهم] فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم ، وأفلت نوفل ، وقدموا بالأسيرين والعير على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام" فسقط في أيديهم ، وعنفهم المسلمون ، وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام . فأنزل الله تعالى: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه . الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية