صفحة جزء
ذكر الشمس والقمر والنجوم

أخبرنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن سوار ، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن المنادي ، قال: حدثني هارون بن علي بن الحكم ، قال: حدثنا أحمد بن عبد العزيز بن مرداس ، حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد القرشي ، حدثنا محمد بن موسى ، حدثنا مسلمة بن الصلت ، حدثنا جارية بن المنذر ، حدثنا الأعمش ، عن سليمان بن موسى ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن حذيفة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، قال: "لما أبرم الله -عز وجل- خلقه فلم يبق غير آدم خلق شمسين من نور عرشه فأما ما كان في سابق علمه أن يطمسها ويحولها قمرا فإنه خلقها دون الشمس في الضوء ، ولو تركها شمسين لم يعرف الليل من النهار ، ولكان الصائم لا يدري إلى متى يصوم ، فأرسل جبريل فأمر جناحه على وجه القمر ثلاث مرات فمحا عنه الضوء ، وبقي فيه النور ، وخلق للشمس عجلة لها ثلاثمائة وستون عروة ، ووكل بها ثلاثمائة وستين ملكا قد يعلق كل ملك بعروة وإذا أراد أن يري العباد آية خرت الشمس عن عجلتها فوقعت في بحر وتسجد الشمس تحت العرش بمقدار الليل ، ثم تؤمر بالطلوع ، فإذا ما دنت القيامة جعلت الشمس ، ثم يتبعها القمر ثم يطلعان من المغرب ثم يعود إلى ما خلق الله" .

وروى طاووس ، عن ابن عباس ، أنه قال: قال الله -عز وجل- للسماء: "أخرجي شمسك وقمرك ونجومك" ، وقال للأرض: "شققي أنهارك وأخرجي ثمارك" فقالتا: أتينا طائعين . [ ص: 186 ]

وقد أشكل هذا قوم غلبت عليهم الظواهر ، وقل فهمهم ، وظنوا أنه قول السماء حقيقة ، وأنها أخرجت شمسها بفعل ، وهذا سوقهم ، لأن قوله أتيا طوعا معناه كونا بتكويننا ، وهو تقريب إلى الأفهام تقريره لا بد من فعل ما يريده لو قدرنا أن السماء موجودة أن يوافق أو يخالف ، ويوضح هذا أنهما إن كانتا حالة الخطاب معدومتين ، فالمعدوم لا يخاطب ، وإن كانتا موجودتين استغنتا بوجودهما عن التكوين ، ثم أي قدرة لهما في إخراج شمس أو قمر ، وهل خالق إلا الله ، وإنما المراد كوني بتكويني إياك ، ومثله [قوله] تعالى: إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون . وقوله: كونوا قردة خاسئين . كونوا حجارة أو حديدا ، وهذا من توسع العرب في الخطاب يقصدون به إعلام المخاطب بسرعة التكوين .

قال مجاهد [في] قوله تعالى: رب المشرقين ورب المغربين قال: مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، ومغرب الشتاء ومغرب الصيف .

قال ابن عباس : يطلع كل سنة في ثلاثمائة وستين كوة ، كل يوم في كوة فلا يرجع إلى تلك الكوة في ذلك اليوم من العام المقبل .

وقد روى عبد الله بن عمرو ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رأى الشمس حين غابت فقال: "في نار الله الحامية لولا ما يزعها من أمر الله -عز وجل- لأهلكت ما على الأرض" .

قال أبو الحسين أحمد بن جعفر : قد نظر بعض الناس أن ذلك دعاء على الشمس ، وليس كذلك ، إنما هو وصف للعين التي تواري الشمس في قوله تعالى: تغرب في عين حمئة . [ ص: 187 ]

قال سعيد بن المسيب : إن الشمس إذا أرادت أن تطلع تقاعست كرامة أن تعبد من دون الله فيدفعها ثلاثمائة وستون ملكا .

وقال ابن عباس : لا تطلع إلا وهي كارهة ، تقول: يا رب لا تطلعني على عبادك فإني أراهم يعصونك .

أخبرنا محمد بن ناصر ، أخبرنا أبو الخطاب علي بن عبد الرحمن الجراح ، حدثنا عبد الملك بن بشران ، أخبرنا أحمد بن الفضل بن العباس بن خريم ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا عمير بن المعدان بن عامر ، عن أبي أمامة ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وكل بالشمس سبعة أملاك يرمونها بالثلج كل يوم ولولا ذلك ما أتت على شيء إلا أحرقته" .

أخبرنا عبد الأول ، أخبرنا الداودي ، أخبرنا ابن أعين ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا ابن نعيم ، أخبرنا الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، قال: كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد حين وجبت الشمس ، فقال: "يا أبا ذر تدري أين تذهب الشمس؟" قلت: الله ورسوله أعلم ، قال: "فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي الله -عز وجل- فتستأذن في الرجوع فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها: ارجعي حيث جئت ، فتطلع من مغربها" . أخرجاه في الصحيحين .

قال ابن عقيل : قد ذكر أصحاب علوم الهندسة أن بعد الشمس من الأرض أربعة آلاف وثمانمائة وعشرون ألف ميل ونصف . وذكروا أن جرم القمر جزء من تسعة وثلاثين جزءا من الأرض ، وأن المشتري أعظم من الأرض ، يزيد جرمه على جرم الأرض مائتان وثمانون مرة ونصف وربع . وزحل أعظم من الأرض تسعة وسبعين مرة ونصفا . وأما [ ص: 188 ] الكواكب الثابتة فأعظمها الخمسة عشر العظام نيرة مثل الشعرى والسماك ، وقلب الأسد ، يكون جرم كل كوكب منها أعظم من الأرض بأربع وسبعين مرة ونصف .

التالي السابق


الخدمات العلمية