صفحة جزء
[زواجه صلى الله عليه وسلم أم سلمة ]

وفي هذه السنة: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة في شوال .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد المقري ، وعبد الله بن محمد القاضي ، ويحيى بن علي [ ص: 207 ] المدبر قالوا: أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، قال: أخبرنا ابن حبابة ، قال: حدثنا البغوي ، قال: حدثنا هدبة ، قال: أخبرنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، قال: حدثني ابن أم سلمة أن أبا سلمة جاء إلى أم سلمة فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا أحب إلي من كذا وكذا ، لا أدري ما عدل به ، سمعت رسول الله يقول: لا يصيب أحدا مصيبة فيسترجع عند ذلك ويقول: اللهم عندك أحتسب مصيبتي ، اللهم اخلفني فيها خيرا منها إلا أعطاه الله عز وجل . قالت أم سلمة : فلما أصبت بأبي سلمة ، قلت اللهم عندك أحتسب مصيبتي هذه ، ولم تطب نفسي أن أقول اللهم اخلفني فيها خيرا منها ، ثم قالت: من خير من أبي سلمة؟! ثم قالت ذلك ، فلما انقضت عدتها أرسل إليها أبو بكر يخطبها فأبت ، ثم أرسل إليها عمر يخطبها ، فأبت ، ثم أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها ، فقالت: مرحبا برسول الله ، إن في خلالا ثلاثا ، أنا امرأة شديدة الغيرة ، وأنا امرأة مصبية ، وأنا امرأة ليس لي ها هنا أحد من أوليائي يزوجني ، فغضب عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد مما غضب لنفسه حين ردته ، فأتاها عمر فقال: أنت التي تردين رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تردينه ، فقالت: يا ابن الخطاب في كذا وكذا ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما ما ذكرت من غيرتك ، فأنا أدعو الله عز وجل يذهبها عنك ، وأما ما ذكرت من صبيتك ، فإن الله عز وجل سيكفيكهم ، وأما ما ذكرت أنه ليس أحد من أوليائك شاهد فليس من أوليائك شاهد ولا غائب يكرهني ، وقال لابنها: زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فزوجه ، فقال: يا رسول الله أما إني لا أنقصك مما أعطيت فلانة ، قال ثابت: قلت لابن أم سلمة: ما أعطى فلانة ، قال: أعطاها جرتين تضع فيهما حاجتها ، ورحاء ، ووسادة من أدم حشوها ليف ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأته وضعت زينب أصغر ولدها في حجرها ، فلما رآها انصرف ، وأقبل عمار مسرعا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتزعها من حجرها ، وقال: هاتي هذه المشومة التي قد منعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما لم يرها في حجرها قال: أين زناب؟ قالت: أخذها عمار ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهله ، قال: وكانت في النساء كأنها ليست فيهن ، لا تجد ما تجدن من الغيرة .

قال مؤلف الكتاب: وقد روينا أنه لما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلها إلى بيت زينب بنت خزيمة بعد موتها ، فدخلت فرأت جرة فيها شعير ، ورحاء ، وبرمة ، فطحنته ثم عقدته في البرمة ، وأدمته بإهالة ، فكان ذلك طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أهله ليلة عرسه ، [ ص: 208 ] فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ثم أراد أن يدور ، فأخذت بثوبه ، فقال: إن شئت أن أزيدك ثم قاصصتك به بعد اليوم .

أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي ، قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري ، قال: أخبرنا ابن حيويه ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عمر ، قال: أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن هند بنت الحارث الفراسية ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لعائشة مني شعبة ما نزلها [مني] أحد" ، فلما تزوج أم سلمة سئل ، فقيل: يا رسول الله ، ما فعلت الشعبة؟ فسكت ، فعرف أن أم سلمة قد نزلت عنده . قال محمد بن عمر : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة حزنت حزنا شديدا لما ذكر الناس جمالها ، فتلطفت حتى رأيتها ، فرأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن والجمال ، فذكرت ذلك لحفصة ، وكانتا يدا واحدة ، فقالت: لا والله إن هذه إلا الغيرة ، ما هي كما تقولين ، فتلطفت لها حفصة حتى رأتها ، فقالت: والله ما هي كما تقولين ولا قريب ، وإنها لجميلة ، قالت: فرأيتها بعد فكانت كما قالت حفصة ، ولكن كنت غيرى .

التالي السابق


الخدمات العلمية