صفحة جزء
[زواجه صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش]

وفي هذه السنة: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش بن رئاب ، أمها أميمة بنت عبد المطلب ، وكانت فيمن هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت امرأة جميلة ، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد ، فقالت: لا أرضاه لنفسي ، قال: "فإني قد رضيته لك" ، فتزوجها زيد بن حارثة ، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهلال ذي القعدة سنة خمس من الهجرة ، وهي يومئذ بنت خمس وثلاثين سنة .

أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي ، قال: أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي ، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيويه ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عمر ، قال: حدثني عبد الله بن عامر الأسلمي ، عن محمد بن يحيى بن حيان ، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه ، وكان زيد إنما يقال له زيد بن [ ص: 226 ] محمد ، فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة ، فيقول: "أين زيد" ؟ فجاء منزله يطلبه فلم يجده ، وتقوم إليه زوجته زينب بنت جحش ، فضل ، فأعرض رسول الله عنها ، فقالت: يا رسول الله ليس هو ها هنا؛ فادخل بأبي أنت وأمي ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل ، وإنما عجلت زينب أن تلبس لما قيل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالباب ، فوثبت عجلى ، فأعجبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فولى وهو يهمهم بشيء ، لا يكاد يفهم منه إلا ربما أعلن منه: "سبحان الله العظيم ، سبحان مصرف القلوب" ، فجاء زيد إلى منزله فأخبرته امرأته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزله ، فقال زيد: ألا قلت له أن يدخل؟ قالت: قد عرضت عليه ذلك؛ فأبى ، قال:

فسمعت منه شيئا؟ قالت: سمعته حين ولى تكلم بكلام لا أفهمه وسمعته يقول:

"سبحان الله العظيم سبحان مصرف القلوب" .

فجاء زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، بلغني أنك جئت منزلي فهلا دخلت؟ بأبي أنت وأمي ، لعل زينب أعجبتك فأفارقها؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك زوجك" ، فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك اليوم ، فيأتي إلى رسول الله فيخبره ، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك زوجك" ، فيقول: يا رسول الله أفارقها . فيقول:

"احبس عليك زوجك" ، ففارقها زيد واعتزلها وحلت .

فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث مع عائشة أخذته غشية فسري عنه وهو يبتسم ويقول:

"من يذهب إلى زينب يبشرها أن الله عز وجل قد زوجنيها من السماء؟ وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله .

القصة كلها ، قالت عائشة : وأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغنا من جمالها ، وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها ما صنع الله لها ، زوجها الله من السماء ، وقالت: هي تفخر علينا بهذا ، قالت عائشة : فخرجت سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتد ، فحدثتها بذلك فأعطتها أوضاحا عليها
.

وفي أفراد مسلم من حديث ثابت ، عن أنس قال: لما انقضت عدة زينب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: اذهب فاذكرها علي ، فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها ، قال: فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 227 ] ذكرها فوليتها ظهري ونكصت على عقبي ، وقلت: يا زينب ، أرسلني إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك ، قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي ، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل عليها بلا إذن فلقد رأيتنا أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبز واللحم حتى امتد النهار .

التالي السابق


الخدمات العلمية