صفحة جزء
وفيها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق من خزاعة يصدقهم

وكانوا قد أسلموا وبنوا المساجد ، فلما سمعوا بدنوه خرج منهم عشرون يتلقونه بالجزر والغنم فرحا به ، فلما رآهم ولى راجعا إلى المدينة ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لقوه بالسلاح ، فهم أن يبعث من يغزوهم ، فقدموا لما بلغهم الخبر ، ونزلت: إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا . وبعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عباد بن بشر يأخذ صدقاتهم . وروي عن ضرار الخزاعي ، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به ، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها ، وقلت: يا رسول الله ، أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة فمن استجاب لي جمعت زكاته ، فيرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا: لا تأت كذا وكذا ليأتيك بما جمعت من الزكاة . فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه احتبس عليه الرسول [ ص: 358 ] فلم يأته ، فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخط من الله ورسوله ، فدعى بسروات قومه ، فقال لهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وقت لي وقتا يرسل رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة ، وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلف ، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة كانت فانطلقوا فنأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق فرجع ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله ، إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي ، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إلى الحارث ، وأقبل الحارث بأصحابه إذ استقبل البعث وقد فصل من المدينة ، فلقيهم الحارث ، فقالوا: هذا الحارث ، فلما غشيهم قال: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك ، قال:

ولم؟ قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله ، قال: لا والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته بتة ولا أتاني .

فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "منعت الزكاة وأردت قتل رسولي"؟! قال: والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني ولا أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خشيت أن تكون قد كانت سخطة من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال: فنزلت:
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة الآية .


التالي السابق


الخدمات العلمية