صفحة جزء
وفي هذه السنة حج أبو بكر رضي الله عنه بالناس في ذي الحجة

قاله محمد ، وقال مجاهد: وافقت حجة أبي بكر ذي القعدة ، ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام القابل في ذي الحجة ، وذلك حين قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته [ ص: 373 ] يوم خلق الله السموات والأرض" وذلك أن العرب كانوا يستعملون النسيء فيؤخرون تحريم المحرم إلى صفر ، ثم كذلك حتى تتدافع الشهور ، فيستدير التحريم على السنة كلها ، فوافقت حجة أبي بكر ذي القعدة .

وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الحج ، فحج في ثلاثمائة رجل ، وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين بدنة ، فلما كان بالعرج لحقه علي بن أبي طالب رضي الله عنه على ناقته القصواء ، فقال أبو بكر: استعملك رسول الله على الحج؟ قال: لا ، ولكن بعثني أقرأ براءة على الناس وأنبذ إلى كل ذي عهد عهده ، فمضى أبو بكر فحج بالناس ، وقرأ علي رضي الله عنه براءة ، وقال: لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ثم رجعا قافلين إلى المدينة .
روى أبو سعيد الخدري ، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على الموسم ، وبعث بسورة براءة وأربع كلمات إلى الناس ، فلحقه علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في الطريق ، فأخذ علي رضي الله عنه السورة والكلمات ، وكان يبلغ وأبو بكر على الموسم ، فإذا قرأ السورة نادى: لا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فأجله إلى مدته .

فلما رجعا قال أبو بكر رضي الله عنه: ما لي؟! هل نزل في شيء؟ قال: لا ، إلا خيرا ، قال: وما ذاك؟ قال: إن عليا رضي الله عنه لحق بي فأخذ مني السورة والكلمات .

قال: أجل؛ لم يكن يبلغها إلا أنا أو رجل مني


التالي السابق


الخدمات العلمية