صفحة جزء
ذكر طرف من خطب أبي بكر [الصديق رضي الله عنه] في خلافته

[أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال:

أخبرنا ابن حيويه ، قال: أخبرنا ابن معروف ، قال: أخبرنا ابن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال: أخبرنا هشام] بن عروة - قال عبيد الله: أظنه عن أبيه - قال: لما ولي أبو بكر خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: أما بعد أيها الناس ، قد وليت أمركم ولست بخيركم ، ولكن نزل القرآن وسن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلمنا فعلمنا ، اعلموا أن أكيس الكيس التقوى ، وأن أحمق الحمق الفجور ، وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه ، وأن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق ، أيها الناس إنما أنا متبع ولست بمبتدع ، فإن أحسنت فأعينوني وإن زغت فقوموني .

قال [ابن سعد: وأخبرنا وهب بن جرير ، قال: حدثنا أبي ، قال: سمعت] الحسن قال:

لما بويع أبو بكر قام خطيبا ، ولا والله ما خطب خطبته أحد بعد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: أما بعد ، فإني وليت هذا الأمر ، وأنا له كاره ، والله لوددت أن بعضكم كفانيه ، ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم مثل عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم أقم به ، كان [ ص: 69 ] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبدا أكرمه الله بالوحي ، وعصمه ، ألا وإنما أنا بشر ولست بخير من أحدكم ، فراعوني فإن رأيتموني [استقمت فاتبعوني ، وإذا رأيتموني] زغت فقوموني . واعلموا أن لي شيطانا يعتريني ، فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني ، لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم .

[أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، أخبرنا رزق الله ، أخبرنا أبو علي بن شاذان ، أخبرنا أبو جعفر بن برية ، حدثنا أبو بكر القرشي ، قال: حدثني شريح بن يونس ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا الأوزاعي ، قال: حدثني يحيى] بن أبي كثير .

أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يقول في خطبته: أين الوضاءة الحسنة وجوههم المعجبون بشبابهم؟ أين الملوك الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحيطان؟ أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب ، قد تضعضع بهم الدهر فأصبحوا في ظلمات القبور ، الوحا الوحا ، النجا النجا .

[أخبرنا محمد بن أبي منصور ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، أخبرنا أبو بكر بن نجيب ، حدثنا أبو جعفر بن ذريح ، حدثنا هناد بن السري ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن عبد الله القرشي] عن عبد الله بن حكيم ، قال:

خطبنا أبو بكر رضي الله عنه ، فقال: أما بعد ، فإني أوصيكم بتقوى الله ، وأن تثنوا عليه بما هو أهله ، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة وتجمعوا الإلحاف بالمسألة ، فإن الله تعالى أثنى على زكريا وعلى أهل بيته فقال: إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ثم اعلموا عباد الله أن الله قد ارتهن بحقه أنفسكم ، وأخذ على ذلك مواثيقكم ، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي ، وهذا [ ص: 70 ] كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ، ولا يطفأ نوره ، فصدقوا قوله وانتصحوا قوله واستضيئوا منه ليوم الظلمة ، وإنما خلقكم لعبادته ووكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون ، ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه ، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل الله فافعلوا ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله ، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم فيردكم إلى أسوأ أعمالكم ، فإن أقواما جعلوا آجالهم لغيرهم ونسوا أنفسهم ، فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم ، الوحا الوحا ، النجا النجا ، إن وراءكم طالبا حثيثا أمره سريع .

[أخبرنا ابن ناصر ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي ، أخبرنا محمد بن الحسن بن المأمون ، حدثنا أبو بكر بن الأنباري [حدثنا التيهان بن الهيثم] حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا] هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال: قعد أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء الحسين بن علي ، فصعد المنبر ، وقال: انزل عن منبر أبي ، فقال له أبو بكر: منبر أبيك لا منبر أبي ، منبر أبيك لا منبر أبي ، فقال علي رضي الله عنه وهو في ناحية القوم: إن كانت لعن غير أمري .

التالي السابق


الخدمات العلمية