صفحة جزء
ذكر إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

[أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيويه ، قال: أخبرنا أبو الحسن بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: أخبرنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، قال: حدثنا القاسم بن عثمان البصري] ، عن أنس بن مالك ، قال: خرج عمر متقلدا بسيفه - أو قال: بالسيف - فلقيه رجل من بني زهرة ، فقال: [ ص: 133 ] إلى أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد [أن] أقتل محمدا ، قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا؟ [قال]: فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه ، قال: أفلا أدلك على العجب [يا عمر]؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك [الذي أنت عليه] .

[قال]: فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب . [قال]: فلما سمع [خباب] حس عمر توارى في البيت فدخل ، فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم . وكانوا يقرءون طه ، فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا ، قال: فلعلكما قد صبوتما؟ قال: فقال له ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ قال: فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئا شديدا ، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها ، فنفحها بيده نفحة فدمي وجهها ، فقالت وهي غضبى: يا عمر ، إن كان الحق في غير دينك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله .

فلما يئس عمر ، قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه - قال: وكان عمر يقرأ الكتب - فقالت أخته: إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون ، فقم فاغتسل وتوضأ .

[قال:] فقام عمر فتوضأ ، ثم أخذ الكتاب فقرأ: طه حتى انتهى إلى قوله: إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري . قال: فقال [عمر]: دلوني على محمد . فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت ، فقال: أبشر يا عمر ، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لك ليلة الخميس: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام" . قال: ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدار التي في أصل الصفا .

فانطلق عمر حتى أتى الدار ، قال: وعلى باب الدار حمزة وطلحة وأناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر ، قال حمزة: نعم فهذا [ ص: 134 ] عمر ، فإن يرد الله بعمر خيرا يسلم ويتبع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا . قال: والنبي صلى الله عليه وآله وسلم داخل يوحى إليه . قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أتى عمر ، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف ، فقال: "ما أنت منتهيا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ اللهم هذا عمر بن الخطاب ، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب" . [قال:] فقال عمر: أشهد أنك رسول الله ، فأسلم وقال: اخرج يا رسول الله .

[قال محمد بن سعد: وأخبرنا محمد بن عمر ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين ، قال: وحدثني معمر ، عن الزهري ، قالا:] . أسلم عمر بعد أن دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دار الأرقم وبعد أربعين أو نيف وأربعين من رجال ونساء قد أسلموا قبله . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال بالأمس: اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب ، أو عمرو بن هشام ، فلما أسلم عمر نزل جبريل فقال: يا محمد ، [لقد] استبشر أهل السماء بإسلام عمر .

[قال محمد بن سعد ، أخبرنا محمد بن عمر ، قال: وحدثنا محمد بن عبد الله ، عن الزهري] ، عن سعيد بن المسيب ، قال: أسلم عمر بعد أربعين رجلا وعشر نسوة ، فما هو إلا أن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة . [ ص: 135 ]

[قال محمد بن عمر: وحدثني علي بن محمد ، عن عبيد الله بن سلمان الأغر ، عن أبيه] ، عن صهيب بن سنان ، قال: لما أسلم عمر ظهر الإسلام ودعي إليه علانية ، وجلسنا حول البيت حلقا ، وطفنا بالبيت ، وانتصفنا ممن غلظ علينا ، ورددنا عليه بعض ما يأتي به .

قال علماء السير: أسلم عمر في السنة السادسة من النبوة ، وهو ابن ست وعشرين سنة ، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وآخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين أبي بكر ، وقيل بينه وبين عويم بن ساعدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية