صفحة جزء
وفي هذه السنة ، أعني سنة أربع عشرة حج بالناس عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وكان على مكة عتاب بن أسيد ، وعلى اليمن يعلى بن منبه ، وعلى الكوفة سعد ، وعلى الشام أبو عبيدة بن الجراح ، وعلى البحرين عثمان بن أبي العاص ، وقيل: بل العلاء بن الحضرمي ، وعلى عمان حذيفة بن محصن . [ ص: 184 ]

وفي هذه السنة ضرب عمر أبا محجن الثقفي سبع مرات في الخمر ، وضرب معه ربيعة بن أمية بن خلف ، في شراب شربوه في ذلك ، وضرب ابنه عبد الرحمن في ذلك .

[أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا أحمد بن محمد بن رزق ، والحسن بن أبي بكر قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله أبو عبد الله الهروي ، حدثنا علي بن محمد بن عيسى الحكاني ، حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن الزهري ، قال: أخبرني سالم بن عبد الله ] ، أن عبد الله بن عمر قال: شرب عبد الرحمن بن عمر ، وشرب معه أبو سروعة عقبة بن الحارث ، ونحن بمصر في خلافة عمر بن الخطاب ، فسكرا ، فلما أصبحوا انطلقا إلى عمرو بن العاص وهو أمير مصر ، فقالا: أطهرنا فإنا قد سكرنا من شراب شربناه .

قال عبد الله بن عمر : ولم أشعر أنهما أتيا عمرو بن العاص . قال: فذكروا أخي أنه قد سكر ، فقلت له: ادخل الدار أطهرك ، فآذنني أنه حدث الأمير . فقال عبد الله بن عمر: فقلت: والله لا يحلق اليوم على رءوس الناس ، ادخل أحلقك -وكانوا إذ ذاك يحلقون مع الحد ، فدخل معي الدار ، فحلقت أخي بيدي ، ثم جلدهما عمرو بن العاص فسمع عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب إلى عمرو: أن ابعث إلي بعبد الرحمن بن عمر على قتب ، ففعل ذلك عمرو ، فلما قدم عبد الرحمن على عمر جلده وعاقبه من أجل مكانه منه ، ثم أرسله ، فلبث شهرا صحيحا ثم أصابه قدره ، فتحسب عامة الناس أنه مات من جلد عمر ، ولم يمت من جلده .

قال المؤلف: ولا ينبغي أن يظن بعبد الرحمن أنه شرب الخمر ، إنما شرب النبيذ متأولا ، فظن أن ما شرب منه لا يسكر ، وكذلك أبو سروعة ، فلما خرج الأمر بهما

[ ص: 185 ]

إلى السكر طلبا التطهير بالحد ، وقد كان يكفيهما مجرد الندم ، غير أنهما غضبا لله تعالى على أنفسهما المفرطة ، فأسلماها إلى إقامة الحد .

وأما إعادة عمر الضرب فإنما ضربه تأديبا لا حدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية