صفحة جزء
وفي هذه السنة [عزل خالد بن الوليد]

خرج خالد بن الوليد وعياض بن غنم فسارا في دروب المشركين ، فأصابا أموالا عظيمة ، فلما قفل خالد انتجعه الأشعث بن قيس فأجازه بعشرة آلاف ، وكان عمر لا يخفى عليه من عماله شيء ، فكتب إليه بما يجري ، فدعا البريد وكتب معه إلى أبي عبيدة أن يقيم خالدا ويعقله بعمامته ، وينزع عنه قلنسوته حتى يعلمكم من أين إجازة الأشعث ، أمن ماله ، أم من إصابة أصابها؟ فإن زعم أنها من إصابة أصابها فقد باء بجناية ، [وإن زعم أنها من ماله فقد أسرف] ، فاعزله على كل حال .

فكتب أبو عبيدة إلى خالد فقدم عليه ، فجمع له أناس وجلس [لهم] على المنبر ، وتكلم البريد فقال: [يا خالد ، أمن مالك أجزت بعشرة آلاف أم من إصابة؟ فلم يجبه حتى أكثر عليه ، فقام بلال فقال]: إن أمير المؤمنين أمر فيك بكذا ، وتناول عمامته فنفضها ، ووضع قلنسوته ثم عقله بعمامته ، وقال: ما تقول ، أمن مالك أم من إصابة؟ ، قال: لا بل من مالي ، فأطلقه وأعاد قلنسوته ثم عممه بيده .

فخرج خالد حتى قدم على عمر ، فقال عمر: من أين هذا الثراء؟ قال: من الأنفال [ ص: 231 ] والسهمان ، فقال عمر: لا تغلبني بعد اليوم ، وكتب عمر إلى الأمصار: إني لم أعزل خالدا عن سخطة ولا عن خيانة ، ولكن الناس قد فتنوا به ، فخفت أن يوكلوا إليه ، فأحببت أن يعلموا أن الله عز وجل هو الصانع .

التالي السابق


الخدمات العلمية