صفحة جزء
[ذكر تجديد المسجد الحرام والتوسعة فيه]

وفي هذه السنة اعتمر عمر وخلف على المدينة زيد بن ثابت ، وبنى المسجد الحرام ووسع فيه ، وأقام بمكة عشرين ليلة ، وتزوج في مكة ابنة حفص بن المغيرة ، فأخبر أنها عاقر فطلقها قبل أن يدخل بها ، فرجعت إلى زوجها الأول .

وفي هذه العمرة: أمر بتجديد أنصاب الحرم ، وأمر بذلك مخرمة بن نوفل ، وأزهر بن [عبد] عوف ، وحويطب بن عبد العزى ، وسعيد بن يربوع .

ومر عمر في طريقه فكلمه أهل المياه أن يبتنوا منازل بين مكة والمدينة ، فأذن لهم وشرط عليهم أن ابن السبيل أحق بالظل والماء .

[عزل المغيرة عن البصرة ، وولاية أبي موسى الأشعري ]

وفي هذه السنة ولى عمر أبا موسى الأشعري البصرة ، وأمره أن يشخص إليه المغيرة لأجل الحدث الذي قيل عنه .

قال علماء السير: كان المغيرة يختلف إلى أم جميل -امرأة من بني هلال - وليس لها زوج ، فأعظم ذلك أهل البصرة ، فدخل عليها يوما وقد وضعوا له الرصد ، فكشفوا الستر فرأوه قد واقعها ، فركب أبو بكرة إلى عمر رضي الله عنه ، فقص عليه القصة ، وكان معه نافع بن كلدة ، وزياد ، وشبل بن معبد ، وهم الذين شهدوا على المغيرة .

فقال المغيرة : هؤلاء الأعبد كيف رأوني؟ إن كان استقبلوني فكيف لم أستتر ، أو [ ص: 232 ] استدبروني فبأي شيء استحلوا النظر إلي في منزلي على امرأتي ، والله ما أتيت إلا امرأتي -وكانت تشبهها- فشهد أبو بكرة أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة ، وشهد شبل مثل ذلك ، وشهد نافع مثل ذلك ، ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم ، وإنما قال: رأيته جالسا بين رجلي امرأة ، ورأيت قدمين مخضوبتين تخفقان ، واستين مكشوفين ، وسمعت حفزانا شديدا ، فقال له: هل رأيت كالميل في المكحلة؟

قال: لا ، قال: فهل تعرف المرأة؟ قال: لا ، ولكن أشبهها ، قال: فتنح ، وأمر بالثلاثة فجلدوا الحد . وقرأ: فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون .

وقد قيل: إن هذا كان في سنة خمس عشرة .

قال مؤلف الكتاب: من الجائز أن يكون قد تزوجها ولم يعلم أحدا ، وقد كانت تشبه زوجته .

قال ابن عقيل : للفقهاء تأويلات ، فقد كانت المتعة عقدا في الشرع ، وكان نكاح السر عند قوم زنا ، ولا يجوز أن ينسب إلى الصحابي ما لا يجوز؛ لأنه جهل بمقدار الضرر في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية