صفحة جزء
242 - عروة بن حزام بن مهاجر

شاعر إسلامي ، أحد المتيمين الذين قتلهم الهوى .

أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة قالت: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن السراج قال: نقلت من خط أبي عمرو بن حيويه ، حدثنا أبو بكر بن المرزبان قال: حدثني أبو العباس فضل بن محمد بن النويري ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: أخبرنا لقيط] بن بكير المحاربي : أن عروة بن حزام ، وعفراء ابنة مالك العذريين - وهما بطن من عذرة يقال لهم بنو هند بن حزام بن ضبة بن عبد بن بكير بن عذرة - ويقال: إنهما نشآ جميعا ، فعلقا علاقة الصبا ، وكان عروة يتيما في حجر عمه حتى بلغ ، وكان يسأل عمه أن يزوجه عفراء فيسوفه إلى أن خرجت عير لأهله إلى الشام ، وخرج عروة إليها ، ووفد على عمه ابن عم له من البلقاء يريد الحج ، فخطبها فزوجه إياها ، فحملها وأقبل عروة في عيره تلك حتى إذا كان بتبوك نظر إلى رفقة مقبلة من نحو المدينة فيها امرأة على جمل أحمر ، فقال لأصحابه: والله لكأنها شمائل عفراء: فقالوا: ويحك ، ما تترك ذكر عفراء لشيء . قال: وجاء القوم فلما دنوا منه وتبين الأمر يبس قائما لا يتحرك ولا يحير جوابا ، حتى بعد القوم ، فذلك حين يقول:


وإني لتعروني لذكراك رعدة لها بين جلدي والعظام دبيب     فما هو إلا أن أراها فجاءة
فأبهت حتى ما أكاد أجيب [ ص: 353 ]     وقلت لعراف اليمامة داوني
فإنك إن داويتني لطبيب     فما بي من حمى وما بي جنة
ولكن عمي الحميري كذوب

ثم إن عروة انصرف إلى أهله وأخذه البكاء والهلاس حتى نحل ، فلم يبق منه شيء ، فقال بعض الناس: هو مسحور ، وقال قوم: به جنة ، وقال آخرون: بل هو موسوس ، وإن بالحاضر من اليمامة لطبيبا له تابع من الجن ، وهو أطب الناس ، فلو أتيتموه فلعل الله يشفيه .

فساروا إليه من أرض بني عذرة حتى داواه ، فجعل يسقيه وينشر عنه ، وهو يزداد سقما ، فقال له عروة: هل عندك للحب دواء أو رقية ، فقال: لا والله . فانصرفوا حتى مروا بطبيب بحجر ، فعالجه وصنع به مثل ذلك ، فقال له عروة: والله ما دائي ولا دوائي إلا شخص بالبلقاء مقيم ، فهو دائي وعنده دوائي . فانصرفوا به ، فأنشأ عند ذلك وجعل يقول عند انصرافهم به:


جعلت لعراف اليمامة حكمه     وعراف نجد إن هما شفياني
فقالا نعم يشفى من الداء كله     وقاما مع العواد يبتدران
فما تركا من رقية يعلمانها     ولا سلوة إلا وقد سقياني
فقال شفاك الله والله ما لنا     بما ضمنت منك الضلوع يدان

فلما قدم على أهله ، وكان له أخوات أربع ووالدة وخالة ، فمرضنه دهرا ، فقال لهن يوما: اعلمن أني لو نظرت إلى عفراء نظرة ذهب وجعي ، فذهبوا به حتى نزلوا البلقاء مستخفين ، وكان لا يزال يلم بعفراء وينظر إليها ، وكانت عند رجل كريم كثير المال والحاشية ، فبينا عروة بسوق البلقاء لقيه رجل من بني عذرة فسأله عن حاله ومقدمه فأخبره ، فقال: والله لقد سمعت أنك مريض وأراك قد صححت ، فلما أمسى دخل الرجل على زوج عفراء ، فقال: متى قدم هذا الكلب عليكم الذي فضحكم ، قال زوج عفراء: أي كلب هو؟ قال: عروة ، قال: وقد قدم؟ قال: نعم ، قال: أنت أولى بها من أن تكون كلبا ، ما علمت بقدومه ، ولو علمت لضممته إلي . [ ص: 354 ]

فلما أصبح غدا يستدل عليه حتى جاءه ، فقال: قدمت هذا البلد ولم تنزل بنا ، ولم تر أن تعلمنا بمكانك فيكون منزلك عندنا علي ، وعلي إن كان لك منزل إلا عندي ، قال: نعم نتحول إليك الليلة أو في غد . فلما ولى قال عروة لأهله: قد كان ما ترون ، وإن أنتم لم تخرجوا معي لأركبن رأسي ولألحقن بقومكم فليس علي بأس . فارتحلوا وركبوا طريقهم ونكس عروة ولم يزل مدنفا حتى نزلوا وادي القرى .

وفي رواية أخرى: أن حزاما هلك وترك ابنه عروة صغيرا في حجر عمه عقال بن مهاصر ، وكانت عفراء تربا لعروة يلعبان جميعا ويكونان معا حتى [ألف كل واحد منهما] إلفا شديدا ، وكان عقال يقول لعروة لما يرى من إلفهما: أبشر ، فإن عفراء امرأتك إن شاء الله ، وكانا كذلك حتى بلغا ، فأتى عروة عمة له يقال لها: هند بنت مهاصر ، فشكى إليها ما به من حب عفراء ، وقال لها: يا عمة ، إني لأكلمك وأنا مستحي منك ، ولم أفعل هذا حتى ضقت ذرعا بما أنا فيه ، فذهبت عمته إلى أخيها ، فقالت: يا أخي ، قد أتيتك في حاجة أحب أن تحسن قضاءها ، فإن الله يأجرك بصلة رحمك ، قال: إن تسأليني لا أردك فيها ، قالت: تزوج عروة ابن أخيك بابنتك عفراء ، فقال: ما عنه مذهب ، ولا بنا عنه رغبة ، ولكنه ليس بذي مال ، وليست عليه عجلة ، فسكت عروة بعض السكوت ، وكانت أمها لا تريد إلا ذا مال ، فعرف عروة أن رجلا ذا مال قد خطبها ، فأتى عمه ، فقال: يا عم ، قد عرفت حقي وقرابتي ، وإني ربيت في حجرك ، وقد بلغني أن رجلا يخطب عفراء فإن أسعفته بطلبتي قتلتني وسفكت دمي ، فأنشدك الله ورحمي وحقي ، فرق له ، وقال: يا بني ، أنت معدم ، وأمها قد أبت أن تخرجها إلا بمهر غال ، فاضطرب واسترزق الله .

فجاء إلى أمها ولاطفها وداراها فأبت إلا بما تحتكم من المهر ، فعمل على قصد ابن عم له موسر باليمن ، فجاء إلى عمه وامرأته فأخبرهما بقصده وعزمه ، فصوباه ووعداه ألا يحدثا حدثا حتى يعود .

وودع عفراء والحي ، وصحبه فتيان كانا يألفانه ، وكان طول سفره ساهيا حتى قدم على ابن عمه فعرفه حاله ، فوصله وكساه وأعطاه مائة من الإبل ، فانصرف بها ، وقد كان رجل من أهل الشام قد نزل في حي عفراء ، فنحر وأطعم ورأى عفراء فأعجبته ، فخطبها

[ ص: 355 ]

إلى أبيها فاعتذر إليه وقال: قد سميتها باسم ابن أخي ، فما لغيره إليها سبيل ، فقال له: إني أرغبك في المهر ، فقال: لا حاجة لي في ذلك ، فعدل إلى أمها فوافق عندها قبولا ورغبة في المال ، فجاءت إلى زوجها ، فقالت: وأي خير في عروة حتى تحبس ابنتي عليه ، والله ما تدري أعروة حي أم ميت ، وهل ينقلب إليك بخير أم لا ، فتكون قد حرمت ابنتك خيرا حاضرا ، فلم تزل به حتى قال: إن عاودني خاطبها أجبته ، فوجهت إليه: أعد غدا خاطبا ، فنحر جزورا وأطعم ووهب وجمع الحي على طعامه وفيهم أبو عفراء ، وأعاد الخطبة فزوجه وحولت عفراء إليه ، فقال قبل أن يدخل بها: يا عروة إن الحي قد نقضوا عهد الله وحاولوا الغدران .

ثم دخل بها زوجها وأقام فيهم ثلاثا ثم ارتحل إلى الشام ، وعمد أبوها إلى قبر عتيق ، فجدده وسواه ، وسأل أهل الحي كتمان أمرها ، وقدم عروة بعد أيام ، فنعاها أبوها إليه وذهب به إلى ذلك القبر ، وكان يختلف إليها أياما حتى أخبرته جارية من الحي الخبر ، فركب بعض إبله فدخل الشام فنزل على الرجل وهو لا يعرفه ، فأكرمه ، فقال لجارية لهم: هل لك في يد تولينيها؟ قالت: نعم ، قال: تدفعين خاتمي هذا إلى مولاتك ، فقالت: سوءة لك ، أما تستحي من هذا القول ، فأمسك ثم أعاد عليها ، وقال: ويحك هي والله بنت عمي ، فاطرحي هذا الخاتم في صبوحها فإن أنكرت عليك فقولي: اصطبح ضيفنا قبلك ولعله سقط منه ، فرقت الأمة وفعلت ، فلما رأت عفراء الخاتم قالت: اصدقيني فأصدقتها ، فلما جاء زوجها قالت: أتدري من ضيفك؟ إنه عروة بن حزام ، وقد كتم نفسه حياء منك ، فبعث إليه وعاتبه على كتمانه نفسه ، وقال له: بالرحب والسعة نشدتك الله إن رمت هذا المكان أبدا ، وخرج وتركه مع عفراء يتحدثان ، وأوصى خادما له بالاستماع عليهما وإعادة ما يسمعه منهما .

فلما خليا تشاكيا ما وجدا من الفراق وطالت الشكوى وهو يبكي أحر بكاء ، ثم أتته بشراب وسألته أن يشربه ، فقال: والله ما دخل جوفي حرام قط ، ولا ارتكبته منذ كنت ، ولو استحللت حراما كنت قد استحللته منك وأنت حظي من الدنيا وقد ذهبت مني وذهبت منك ، فما أعيش بعدك ، وقد أجمل هذا الرجل الكرم وأحسن ، وأنا أستحي منه ، ووالله لا أقيم بعد علمه بمكاني ، وإني لعالم أني أرحل إلى منيتي . فبكت وبكى وانصرف . [ ص: 356 ]

فلما جاء زوجها أخبره الخادم بما جرى بينهما ، فقال: يا عفراء ، امنعي ابن عمك من الخروج ، فقالت: لا يمتنع ، وهو والله أكرم وأشد حياء أن يقيم بعد ما جرى بينكما ، فدعاه وقال: يا أخي: اتق الله في نفسك فقد عرفت خبرك وأنك إن رحلت تلفت ، ووالله ما أمنعك من الاجتماع معها أبدا ، وإن شئت لأنزلن لك عنها . فجزاه خيرا وأثنى عليه ، وقال: إنها كان الطمع فيها ، والآن فقد يئست وحملت نفسي على الصبر ، ولي أمور لا بد من الرجوع إليها ، وإن وجدت بي قوة ، وإلا عدت إليكم وزرتكم .

فزودوه وشيعوه ، وانصرف ، فأصابه غشي وخفقان . فكان كلما أغمي عليه ألقى على وجهه خمارا كانت عفراء قد زودته إياه فيفيق ، فلقيه في طريقه عراف اليمامة ابن مكحول ، فسأله عما به وهل به خبل ، فقال:


وما بي من خبل وما بي جنة     ولكن عمي يا أخي كذوب
أقول لعراف اليمامة داوني     فإنك إن داويتني لطبيب
فوا كبدي أمست رفاتا كأنما     يلذعها بالموقدات لهيب
عشية لا عفراء منك بعيدة     فتسلو ولا عفراء منك قريب
فوالله ما أنساك ما هبت الصبا     وما عقبتها في الرياح جنوب
وإني ليغشاني لذكراك روعة     لها بين جلدي والعظام دبيب

وقال يخاطب رفيقيه:


خليلي من عليا هلال بن عامر     بصنعاء عوجا اليوم فانتظراني
فلا تزهدا في الذخر عندي وأجملا     فإنكما بي اليوم مبتليان
ألما على عفراء إنكما غدا     بوشك النوى والبين مفترقان
فيا واشيي عفراء ويحكما بمن     ومن وإلى من حيثما تشياني
بمن لو رآه غائبا لفديته     ومن لو رآني غائبا لفداني
متى تكشفا عني القميص تبينا     بي الضر من عفراء يا فتيان
فقد تركتني لا أعي لمحدث     حديثا وإن ناجيته ونجاني
جعلت لعراف اليمامة حكمه     وعراف نجد إن هما شفياني
فما تركا من حيلة يعلمانها     ولا شربة إلا بها سقياني
[ ص: 357 ] ورشا على وجهي من الماء ساعة     وقاما مع العواد يبتدران
وقالا شفاك الله -والله- ما لنا     بما ضمنت منك الضلوع يدان
فويلي على عفراء ويل كأنه     على الصدر والأحشاء وخز سنان
إذا رام قلبي هجرها حال دونه     شفيعان من قلبي لها خذلاني
إذا قلت: لا ، قالا: بلى ، ثم أصبحا     جميعا على الرأي الذي ترياني
تحملت من عفراء ما ليس لي به     ولا للجبال الراسيات يدان
فيا رب أنت المستعان على الذي     تحملت من عفراء منذ زماني
كأن قطاة علقت بجناحها     على كبدي من شدة الخفقان

وفي رواية أنه لم يعلمه بتزويجها حتى لقي الرفقة التي هي فيها ، وأنه كان توجه إلى ابن عم له بالشام لا باليمن ، فلما رآها وقف دهشا ، ثم قال:


فما هو إلا أن أراها فجاءة     فأبهت حتى لا أكاد أجيب
وأصدف عن رأيي الذي كنت أرتئي     وأنسى الذي أزمعت حين تغيب
ويظهر قلبي عذرها ويعينها     علي فما لي في الفؤاد نصيب
وقد علمت نفسي مكان شفائها     وهل ما لا ينال قريب
حلفت برب الساجدين لربهم     خشوعا وفوق الساجدين رقيب
لئن كان برد الماء حران صاديا     إلي حبيبا إنها لحبيب

ثم عاد إلى أهله وقد نحل وضنى ، وكان له أخوان وخالة وجدة ، فجعلن يعالجن أمره فلا ينفع ، وكان يأتي حياض الماء التي كانت عفراء تردها ، فيلصق صدره بها ويقول:


بي البأس أو داء الهيام سقيته     فإياك عني لا يكن بك ما بيا

وفي رواية أنه لم يرجع إلى حيه ، وإنما مات قبل منزله بثلاث ليال ، وبلغ عفراء وفاته فجزعت جزعا شديدا .

[أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله الأنماطي ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسين المروزي ، أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحارث بن محمد بن عبد الكريم المروزي ، قال: حدثني [ ص: 358 ] جدي محمد بن عبد الكريم ، حدثنا الهيثم بن عدي ، أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه] ، عن النعمان بن بشير ، قال: استعملني عمر بن الخطاب -أو عثمان بن عفان ، شك الهيثم- على صدقات سعد بن هذيم ، وهم عذرة ، وسلامان ، والحارث ، وهم من قضاعة ، فلما قبضت الصدقة وقسمتها بين أهلها ، وأقبلت بالسهمين الباقيين إلى عمر -أو إلى عثمان- فلما كنت في بلاد عدي في حي يقال لهم بنو هند ، إذا أنا ببيت جرير ، فملت إليه ، فإذا عجوز جالسة عند كسر البيت ، وإذا شاب نائم في ظل البيت ، فلما دنوت سلمت ، فترنم بصوت له ضعيف:


جعلت لعراف اليمامة حكمه     وعراف نجد إن هما شفياني

فذكر الأبيات ، فشهق شهقة خفيفة ، فنظرته فإذا هو قد مات ، فقلت: أيها العجوز ، ما أظن هذا النائم بفناء بيتك إلا قد مات ، قالت: والله إني لأظن ذلك ، فقامت فنظرت إليه ، فقالت: فاض ورب محمد ، فقلت: يا أمة الله ، من هذا؟ قالت: عروة بن حزام وأنا أمه ، قلت: فما صيره إلى هذا؟ قالت: العشق ، ولا والله ما سمعت له أنة منذ سنة إلا في صدره وفي يومنا هذا ، فإني سمعته يقول:


من كان من أمهاتي باكيا أبدا     فاليوم إني أراني اليوم مقبوضا
يسمعننيه فإني غير سامعة     إذا علوت رقاب القوم معروضا

قال النعمان: فأقمت والله عليه حتى غسل وكفن وحنط ، وصلي عليه ، ودفن .

قال: قلت للنعمان: فما دعاك إلى ذلك؟ قال: احتساب الأجر فيه والله .

وقد ذكر أبو داود في كتاب "الزهرة": أن عروة بن حزام لما مات مر به ركب فعرفوه ، فلما انتهوا إلى منزل عفراء صاح بعضهم ، فقال:


ألا أيها القصر المغفل أهله     بحق نعينا عروة بن حزام

فأجابته فقالت:


ألا أيها الركب المخبون ويحكم     بحق نعيتم عروة بن حزام

[ ص: 359 ] فأجابوها:

نعم قد تركناه بأرض بعيدة     مقيما بها في دكدك وأكام

فقالت لهم:


فإن كان حقا ما تقولون فاعلموا     بأن قد نعيتم بدر كل ظلام
فلا لقي الفتيان بعدك لذة     ولا رجعوا من غيبة بسلام
ولا وضعت أنثى تماما بمثله     ولا فرحت من بعده بغلام
ولا لا بلغتم حيث وجهتم له     ونغصتم لذات كل طعام

ثم سألتهم: أين دفنوه؟ فأخبروها ، فسارت إلى قبره ، فلما قربوا من موضع قبره ، قالت: إني أريد قضاء حاجة ، فأنزلوها فانسلت إلى قبره فانكبت عليه ، فما راعهم إلا صوتها ، فلما سمعوها بادروا إليها ، فإذا هي ممدودة على القبر قد خرجت نفسها ، فدفنوها إلى جانبه .

[أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون ، قال: أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت ، حدثنا علي بن أيوب القمي ، حدثنا محمد بن عمران ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي سعيد ، قال: حدثني إسحاق بن محمد النخعي ، حدثنا] معاذ بن يحيى الصنعاني ، قال: خرجت من مكة إلى صنعاء ، فلما كان بيننا وبين صنعاء خمس رأيت الناس ينزلون عن محاملهم ويركبون دوابهم ، قلت: أين تريدون؟ قالوا: نريد أن ننظر قبر عروة وعفراء ، فنزلت عن محملي وركبت حماري واتصلت بهم ، فانتهيت إلى قبرين متلاصقين قد خرج من هذا القبر ساق شجرة ، ومن هذا ساق شجرة ، حتى إذا صارا على قامة التفا ، وكان الناس يقولون: تآلفا في الحياة وفي الموت .

وقد روي لنا أن هذه القصة كانت في عهد عمر بن الخطاب ، فروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لو أدركت عروة وعفراء لجمعت بينهما .

وروينا عن معاوية أنه قال: "لو علمت بهذين الشريفين لجمعت بينهما" . [ ص: 360 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية