صفحة جزء
ومن الأحداث نزول الموت بآدم عليه السلام

قد روينا أن ملك الموت جاء ليقبض آدم وقد مضى من عمره ألف سنة سوى أربعين وهبها لابنه داود ، فقال: قد بقي لي أربعون سنة ، فقيل له: إنك وهبتها لداود ، قال: ما فعلت . وأن الله تعالى أتم له ألف سنة .

وقال محمد بن إسحاق : لما حضرت آدم الوفاة دعا ابنه شيثا فعهد إليه عهده وعلمه ساعات الليل والنهار وعلمه عبادة الحق في كل ساعة منهن وكتب وصيته . وكان شيث وصي آدم . [ ص: 227 ]

قال أبو جعفر الطبري : إن آدم مرض أحد عشر يوما ، ودفع إلى شيث كتاب وصيته ، وأمره أن يخفيه من قابيل ، فاستخفى شيث وولده بما عندهم من العلم ، ولم يكن عند قابيل وولده علم ينتفعون [به] .

أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، قال: رأيت شيخا بالمدينة يتكلم فسألت عنه ، فقالوا هذا أبي بن كعب ، فقال: إن آدم [عليه السلام] لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني إني أشتهي من ثمار الجنة ، فذهبوا يطلبون له منها فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوط ، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل ، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة ، قالوا لهم: ارجعوا قد قضى أبوكم . فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم ، فلاذت بآدم ، فقال: إليك عني إنما أتيت من قبلك ، خلي بيني وبين ملائكة ربي تبارك وتعالى ، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوا له ، وصلوا عليه ، ثم دخلوا قبره فوضعوه في قبره ووضعوا عليه اللبن ، ثم خرجوا من القبر ثم حثوا عليه ، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم .

أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق ، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد ، أخبرنا محمد بن عبد الملك ، حدثنا الدارقطني ، حدثنا البغوي ، حدثنا الفضل بن الصباح ، حدثنا أبو عبيدة الحداد ، عن عثمان بن سعد ، عن الحسن عن أبي [بن] كعب ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الملائكة صلت على آدم وكبرت عليه أربعا ، وقالوا: هذه سنتكم يا بني آدم " .

قال الدارقطني: وحدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان العلاف ، حدثنا صباح بن مروان ، حدثنا عبد الرحمن بن مالك بن مغول ، عن [ ص: 228 ] عبد الله بن مسلم بن هرمز ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: صلى جبريل على آدم ، كبر عليه أربعا وصلى جبريل بالملائكة يومئذ ، ودفن في مسجد الخيف وحد من قبل القبلة ولحد له وكتم قبره .

وقال عروة بن الزبير : أتاه جبريل بثياب من الجنة وحنوط من حنوطها ، فكفنه وحنطه وحملته الملائكة حتى وضعته بباب الكعبة وصلى عليه جبريل ثم حملته الملائكة حتى دفنته في مسجد الخيف .

وقال ابن إسحاق : قبر عند منى أول قرية كانت في الأرض ، قال: وبلغني أنه مات بمكة ، وقال قوم: قبر في غار أبي قبيس .

وروى أبو صالح ، عن ابن عباس ، قال: مات آدم على نود ، الجبل الذي أهبط عليه ، فقال شيث لجبريل : صل على آدم ، فقال: تقدم أنت وكبر عليه ثلاثين تكبيرة .

ولما ركب نوح حمل معه آدم فلما خرج من السفينة دفن آدم ببيت المقدس ، ولم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا ، ورأى فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد .

وقد ذكرنا أنه توفي يوم الجمعة . [ ص: 229 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية