صفحة جزء
263 - عبد الله بن مسعود بن غافل- ويقال: عاقل - بن حبيب بن شمخ ، أبو عبد الرحمن:

ذكر محمد بن سعد نسبه فقال: ابن غافل بالغين والفاء . وذكره خليفة بن خياط ، فقال: عاقل بالعين والقاف . وذكره محمد بن إسحاق صاحب المغازي فقال: [ ص: 30 ] عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ ، ولم يذكر ما بين ذلك من الأسماء .

وأمه أم عبد بنت عبد [ود بن سواء بن قريم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل ، وأمها هند بنت عبد بن] الحارث بن زهرة .

أسلم بمكة قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار ، قال: حدثنا أبو محمد الجوهري ، قال: أخبرنا ابن حيوية ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا عفان ، قال: حدثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، قال: كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وقد فرا من المشركين ، فقالا: يا غلام هل عندك من لبن تسقينا؟ فقلت: إني مؤتمن ولست بسامتكما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل؟ " قلت: نعم ، فأتيتهما بها ، فاعتقلها النبي صلى الله عليه وسلم ثم مسح الضرع ودعا فجفل الضرع ، ثم أتاه أبو بكر بصخرة متقعرة فاحتلب فيها ، فشرب أبو بكر ثم شربت ، ثم قال للضرع: اقلص ، فقلص . قال: فأتيته بعد ذلك فقلت: علمني من هذا القول ، قال: "إنك غلام فتعلم" ، فأخذت من فيه سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد .

هاجر ابن مسعود إلى الحبشة الهجرتين ، ثم إلى المدينة ، وشهد بدرا ، وضرب عنق أبي جهل بعد أن أثبته ابنا عفراء ، [وشهد] المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان صاحب سره ووساده وسواكه ونعليه وطهوره في السفر ، كان يلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم نعليه ، ثم يمشي أمامه بالعصا حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه فأدخلهما في ذراعيه وأعطاه العصا ، فإذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم ألبسه نعليه ثم مشى بالعصا أمامه . [ ص: 31 ] وكان يستر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل ، ويوقظه إذا نام ، ويمشي معه في الأرض ، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذنك علي أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادي حتى أنهاك" .

وكان يشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه وسمته ، وكان خفيف اللحم قصيرا شديد الأدمة ، وكان من أجود الناس ثوبا وأطيبهم ريحا ، كان يعرف بالليل بريح الطيب ، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يقرأ القرآن كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " . وقال فيه عمر رضي الله عنه: كنيف ملئ علما .

وبعثه إلى أهل الكوفة ليقرئهم القرآن ويعلمهم الأحكام ، وكتب إليه: إني والله الذي لا إله إلا هو آثرتكم به على نفسي فخذوا منه ، فبث فيهم الفقه .

وكان من كبار أصحابه : الأسود بن يزيد ، وعلقمة بن قيس ، والربيع بن خثيم ، وزيد بن وهب ، والحارث بن قيس ، وأبو وائل ، وزر بن حبيش وغيرهم . وكان أبو موسى يقول: لا تسألوني عن شيء وهذا الخير فيكم . وولي قضاء الكوفة وبيت مالها لعمر وصدرا من خلافة عثمان ، رضي الله عنهما ، ثم صار إلى المدينة فمات بها في هذه السنة ، ودفن بالبقيع .

أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار ، قال: أخبرني أبي ، قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، قال: أخبرني عبد الله بن زيدان ، قال: أخبرنا محمد بن طريف ، قال: حدثنا جابر بن نوح ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال: قال عبد الله:

والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم أين نزلت وألم فيما نزلت ، ولو أعلم أن أحدا أعلم مني بكتاب الله تناله المطي لأتيته .

أخبرنا ابن عبد الباقي ، [أخبرنا الجوهري ، أخبرنا ابن حيويه ، أخبرنا ابن معروف ، حدثنا ابن الفهم حدثنا] محمد بن سعد ، قال: حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال: حدثنا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عبد الله قال: [ ص: 32 ] حدث يوما حديثا ، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أرعد وأرعدت ثيابه ، ثم قال: أو نحو ذا أو شبه ذا .

قال ابن سعد: وأخبرنا الفضل بن دكين ، قال: أخبرنا قيس بن الربيع ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله: أنه كان يصوم يوم الاثنين والخميس .

قال الفضل: وحدثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال: ما رأيت فقيها أقل صوما من عبد الله ، فقيل له: لم لا تصوم؟ فقال: إني أختار الصلاة عن الصوم ، فإذا صمت ضعفت عن الصلاة .

قال المصنف: أوصى ابن مسعود إلى الزبير وابنه عبد الله أن يكفن في حلة بمائتي درهم ، وقال: ادفنوني عند قبر عثمان بن مظعون ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة ، واختلفوا فيمن صلى عليه على ثلاثة أقوال: أحدها: عثمان ، والثاني: عمار ، ذكرهما الواقدي ، والثالث الزبير ، ذكره خليفة بن خياط ، والأول أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية