صفحة جزء
266 - عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة:

وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو ، وقيل عبد الكعبة ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم عبد الرحمن ، ويكنى أبا محمد ، وأمه الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث . ولد عبد الرحمن بعد الفيل بعشر سنين ، وكان طويلا ، حسن الوجه ، رقيق البشرة ، مشربا حمرة ، وأسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ، وهاجر إلى الحبشة الهجرتين .

أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا الجوهري ، قال: أخبرنا ابن حيوية ، قال: أخبرنا ابن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا عفان بن مسلم ، قال: حدثنا حماد بن سلمة ، قال: أخبرنا ثابت وحميد ، عن أنس بن مالك: أن عبد الرحمن بن عوف قدم المدينة ، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري ، فقال له سعد: أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا فانظر شطر مالي فخذه ، وتحتي امرأتان فانظر أيتهما أعجب إليك حتى أطلقها لك .

فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك ، دلوني على السوق ، فدلوه على السوق ، فاشترى وباع وربح ، فجاء بشيء من أقط وسمن ، ثم لبث ما شاء الله أن يلبث ، فجاء وعليه ردع من زعفران ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهيم" ، فقال: يا رسول الله ، تزوجت امرأة ، قال: "فما أصدقتها؟ " قال: "وزن نواة من ذهب ، قال: "أولم ولو بشاة" قال عبد الرحمن: فلقد رأيتني ولو رفعت حجرا رجوت أن أصيب تحته ذهبا أو فضة .


قال محمد بن سعد: وأخبرنا جرير بن عبد الحميد ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: [ ص: 34 ] أن عبد الرحمن بن عوف تزوج امرأة من الأنصار على ثلاثين ألفا .

قال علماء السير: شهد عبد الرحمن بدرا والمشاهد كلها ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل ، وعممه بيده .

وكان له من الولد عشرون ذكرا ، وثماني بنات ، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة تبوك فأم الناس ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق معه ركعة ، ثم قضى الثانية ، وقال: "ما قبض نبي قط حتى يصلي خلف رجل صالح من أمته" .

وكان عبد الرحمن كثير الصدقة فباع أرضا له بأربعين ألف دينار ، فقسم ذلك في فقراء بني زهرة ، وفي ذوي الحاجة من الناس ، وفي أمهات المؤمنين ، فلما بعث إلى عائشة بنصيبها ، قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون" سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة .

قال محمد بن سعد: وحدثنا محمد بن كثير العبدي ، قال: حدثنا سليمان بن كثير ، عن الزهري ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، قال: أغمي على عبد الرحمن بن عوف ثم أفاق فقال: إنه أتاني ملكان أو رجلان فيهما فظاظة وغلظة ، فانطلقا بي ، ثم أتاني رجلان أو ملكان هما أرفق منهما وأرحم ، فقالا: أين تريدان به؟ قالا: نريد به العزيز الأمين ، قالا: خليا عنه فإنه ممن كتب له السعادة وهو في بطن أمه .

توفي عبد الرحمن في هذه السنة وهو ابن خمس وسبعين سنة . وخلف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ومائة فرس ، وترك ذهبا قطع بالفئوس حتى مجلت أيدي الرجال منه ، وترك أربع نسوة ، فأخرجت امرأة من ثمنها بثمانين ألفا ، وأوصى في السبيل بخمسين ألف دينار .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: [ ص: 35 ] أخبرنا الحسين بن الحسن العالي ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي اليقطيني ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخزومي ، قال: حدثنا سلمة بن حفص السعدي ، قال: حدثنا وكيع ، قال: حدثنا مسعر .

وأخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار ، [أخبرنا الجوهري ، أخبرنا ابن حيويه ، أخبرنا ابن معروف ، حدثنا أبو علي الحسين بن محمد بن الفهم] ، حدثنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا وكيع ، قال: حدثنا شعبة ، كلاهما عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، قال: رأيت سعد بن مالك عند قائمتي سرير عبد الرحمن بن عوف وهو يقول: وا خلاه .

التالي السابق


الخدمات العلمية