صفحة جزء
268 - العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، أبو الفضل:

واسم أمه نتيلة بنت جناب بن كليب . ولد قبل ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين ، وكان له من الولد الفضل وهو أكبر ولده ، وعبد الله وهو الحبر ، وعبيد الله الجواد ، وعبد الرحمن ، وقثم ، ومعبد ، وأم حبيبة ، وأم الكل لبابة بنت الحارث ، وكان له من غيرها كثير ، وتمام ، والحارث . وكان يضرب المثل بعبد الله في العلم ، وبعبيد الله في الجود . [ ص: 36 ]

أنبأنا يحيى بن الحسن ، قال: أخبرنا ابن المسلمة ، قال: حدثنا المخلص ، قال: حدثنا أحمد بن سليمان الطوسي ، قال: حدثنا الزبير بن بكار ، قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم الجمحي ، عن أبيه ، قال: دخل أعرابي دار العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وفي جانبها عبد الله بن عباس يفتي ولا يرجع في شيء يسأل عنه ، وفي الجانب الآخر عبيد الله يطعم كل من دخل ، فقال الأعرابي: من أراد الدنيا والآخرة فعليه بدار العباس ، هذا يفتي ويفقه الناس ، وهذا يطعم الطعام .

وكان يضرب المثل ببعد ما بين قبور بني العباس ، فإن عبد الله دفن بالطائف ، وعبيد الله بالمدينة ، والفضل بالشام ، وقثم بسمرقند ، ومعبد بإفريقية .

أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي ، قال: أخبرنا ابن حيويه ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا علي بن عيسى بن عبد الله ، عن أبيه ، عن عمه إسحاق بن عبد الله بن الحارث ، عن أبيه عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب: أن قريشا لما نفروا إلى بدر فكانوا بمر الظهران هب أبو جهل من نومه ، فقال: يا معشر قريش ، ألا تبا لرأيكم ماذا صنعتم ، خلفتم بني هاشم وراءكم ، فإن ظفر بكم محمد كانوا من ذلك بنجوة ، وإن ظفرتم بمحمد أخذوا ثأره منكم من قريب من أولادكم وأهليكم ، فلا تذروهم في بيضتكم ونسائكم ، ولكن أخرجوهم معكم وإن لم يكن عندهم غناء ، فرجعوا إليهم فأخرجوا العباس بن عبد المطلب ونوفلا وطالبا وعقيلا كرها . [ ص: 37 ]

قال ابن سعد: وأخبرنا رويم بن يزيد المقرئ ، قال: حدثنا هارون بن أبي عيسى الشامي ، عن ابن إسحاق ، قال: حدثني حسن بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن عكرمة ، قال: قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، فأسلم العباس ، وأسلمت أم الفضل ، وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم ، فكان يكتم إسلامه ، وكان ذا مال متفرق في قومه ، فخرج معهم إلى بدر ، وهو على ذلك .

قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أصحابنا ، عن القاسم ، عن ابن عباس ، قال: كان الذي أسر العباس أبو اليسر ، وكان رجلا مجموعا ، وكان العباس جسيما ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أسرته"؟ فقال: لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ولا بعد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أعانك عليه ملك كريم" .

قال ابن سعد: وأخبرنا كثير بن هشام ، قال: حدثنا جعفر بن برقان ، قال: حدثنا يزيد بن الأصم ، قال: لما كانت أسارى بدر كان فيهم العباس رضي الله عنه ، فسهر النبي صلى الله عليه وسلم ليلته ، فقال له بعض أصحابه: ما أسهرك يا نبي الله؟ قال: "أنين العباس " . فقام رجل فأرخى وثاقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لي لا أسمع أنين العباس ؟ " فقال رجل: إني أرخيت من وثاقه شيئا ، قال: "فافعل ذلك بالأسارى كلهم"

. أنبأنا الحسين بن عبد الوهاب ، قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص ، قال: أخبرنا أحمد بن سلمان الطوسي ، قال: حدثنا الزبير بن بكار ، قال: حدثني محمد بن الفضالة ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، قال: لقد جاء الله بالإسلام وإن جفنة العباس لتدور على فقراء بني هاشم ، وإن سوطه وقيده لمعد لسفهائهم . [ ص: 38 ] قال: وكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في ولايتهما لا يلقى العباس واحد منهما وهو راكب إلا نزل عن دابته وقادها ومشى مع العباس حتى يبلغ منزله أو مجلسه فيفارقه .

توفي العباس يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من رجب هذه السنة ، وهو ابن ثمان وثمانين سنة ، وغسله علي بن أبي طالب ، وصلى عليه عثمان ، ودفن بالبقيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية