صفحة جزء
ومن الحوادث عند خلافته

أخبرنا محمد بن الحسين ، وإسماعيل ، قالا: أخبرنا ابن النقور ، قال: أخبرنا المخلص ، قال: أخبرنا أحمد ، قال: حدثنا السري ، قال: حدثنا شعيب ، قال: حدثنا سيف ، عن سليمان بن أبي المغيرة ، عن علي بن الحسين ، قال: اجتمع [الناس] إلى علي رضي الله عنه ، فقالوا: يا علي ، إنا قد اشترطنا إقامة الحدود ، فإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في قتل هذا الرجل وأحلوا بأنفسهم ، فقال لهم: يا إخوتاه ، إني لست أجهل ما تعلمون ، ولكن كيف أصنع بقوم يملكونا ولا نملكهم ، ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم ، وثابت إليهم أعرابكم ، وهم خلالكم يسومونكم ما شاءوا ، فهل ترون موضع القدرة على شيء فما ترون؟ قالوا: لا ، قال: فلا والله لا أرى إلا رأيا ترونه أبدا إن شاء الله .

وحدثنا سيف ، عن أبي حمزة ، عن رجل ، قال: قال طلحة لعلي: دعني فآتي البصرة فلا يفجؤك إلا وأنا في خيل ، فقال: حتى أنظر في ذلك . وقال الزبير: [ ص: 71 ] دعني آتي الكوفة فلا يفجؤك إلا وأنا في خيل ، فقال: حتى أنظر في ذلك . وسمع المغيرة بن شعبة بذلك ، فدخل عليه فقال: إن لك حق الطاعة والنصيحة ، أقرر معاوية على عمله ، وابن عامر والعمال على أعمالهم ، حتى إذا أتتك طاعتهم وبيعة الجنود استبدلت أو تركت . فقال: حتى أنظر .

فخرج من عنده وعاد إليه من الغد ، فقال: إني أشرت عليك بالأمس برأي ، وإن الرأي أن تعاجلهم بالنزوع ، فيعرف السامع من غيره ويستقبل أمرك ، ثم خرج وتلقاه ابن عباس [خارجا وهو داخل] ، فلما انتهى إلى علي ، قال: رأيت المغيرة خرج من عندك [ففيم جاءك؟] قال: جاءني أمس بكذا واليوم بكذا ، فقال: أما أمس فقد نصحك ، وأما اليوم فقد غشك ، قال: فما الرأي؟ قال: كان الرأي أن تخرج حين قتل الرجل أو قبله ، فتأتي مكة فتدخل دارك وتغلق بابك ، فإن كانت العرب جائلة مضطربة في أثرك لا تجد غيرك ، فأما اليوم فإن بني أمية يستحسنون الطلب بأن يلزموك شعبة من هذا الأمر ، ويشبهون على الناس .

وروى الواقدي ، قال: حدثني ابن أبي سبرة ، عن عبد المجيد بن سهيل ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال: دعاني عثمان فاستعملني على الحج ، فأقمت للناس الحج وقرأت عليهم كتاب عثمان إليهم ، ثم قدمت المدينة وقد بويع لعلي ، فأتيته في داره ، فوجدت عنده المغيرة بن شعبة مستخليا به ، فحبسني حتى خرج من عنده ، فقلت له: ماذا قال لك؟

قال: قال لي مرة قبل مرته هذه: أرسل إلى عبد الله بن عامر ومعاوية [وعمال عثمان ] بعهودهم وأقرهم على أعمالهم ويبايعون لك الناس ، فأبيت هذا عليه ، وقلت: لا وليت هؤلاء أبدا ولا مثلهم يولى ، ثم انصرف وأنا أعرف أنه يراني مخطئا ، ثم عاد إلي الآن ، فقال: رأيت بعد ذلك أن تصنع الذي رأيت فتنزعهم وتستعين بمن تثق به . [ ص: 72 ]

فقلت: أما المرة الأولى فقد نصحك ، وأما الأخرى فقد غشك ، لأنك إذا عزلتهم يقولون هو قتل صاحبنا ، ويؤلبون عليك ، فقال: والله لا أولي منهم أحدا أبدا ، فإن أقبلوا فذلك خير لهم ، وإن أدبروا بذلت لهم السيف . ثم قال لي: سر إلى الشام فقد وليتكها ، فقلت: ما هذا برأي ، معاوية رجل من بني أمية ، وهو ابن عم عثمان ، وعامله على الشام ، ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان ، أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني فيتحكم علي ، ولكن اكتب إلى معاوية فمنه وعده . فأبى علي ، وقال: والله لا كان ذلك أبدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية