صفحة جزء
286 - الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وأمه صفية بنت عبد المطلب ، ويكنى أبا عبد الله:

أسلم بعد أبي بكر ، وكان رابعا أو خامسا ، وهو يومئذ ابن ست عشرة سنة ، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا ، ولم يتخلف عن غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رجلا ليس بالطويل ولا بالقصير ، إلى الخفة ما هو في اللحم ، خفيف اللحية ، أسمر اللون أشعر ، وله من الولد أحد عشر ذكرا ، وتسع نسوة: عبد الله ، ومصعب ، وعروة ، والمنذر ، وعاصم ، والمهاجر ، وخديجة الكبرى ، وأم الحسن ، وعائشة ، وأمهم أسماء بنت أبي بكر . وخالد ، وعمرو ، وحبيبة ، وسودة ، وهند ، وأمهم أم خالد ، وهي بنت خالد بن سعيد بن العاص . ومصعب ، وحمزة ورملة وأمهم أم الرباب بنت أنيف . وعبيدة ، [ ص: 108 ] وجعفر ، وأمهما زينب بنت مرثد . وزينب ، وأمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط .

وخديجة الصغرى ، وأمها الحلال بنت قيس .

أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا الجوهري ، قال: أخبرنا ابن حيوية ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي ، قال: حدثني همام ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال: كانت على الزبير ريطة صفراء معتجرا بها يوم بدر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة نزلت من السماء على سيماء الزبير " .

قال محمد بن سعد: وأخبرنا الفضل بن دكين ، قال: حدثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، [عن جابر] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يأتيني بخبر القوم"؟ [يوم الأحزاب] فقال الزبير: أنا ، قال: "من يأتيني بخبر القوم؟ " قال الزبير: أنا ، قال: "من يأتيني بخبر القوم؟ " قال الزبير: أنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لكل نبي حواريا ، وإن حواري الزبير " . قال ابن سعد: وأخبرنا عفان ، قال: أخبرنا حماد بن سلمة ، قال: حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لأبي يوم الأحزاب: قد رأيتك يا أبه تحمل على فرس لك أشقر ، قال: قد رأيتني أي بني؟ قلت: نعم ، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع لي أبويه يقول: "فداك أبي وأمي" .

قال ابن سعد: وأخبرنا حماد بن سلمة ، قال: حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، قال: [ ص: 109 ]

لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه ، فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم ، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما ، وإن من أكبر همي لديني ، أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئا؟ ثم قال: يا بني بع واقض ديني وأوص بالثلث ، فإن فضل من مالنا من بعد قضاء الدين شيء فثلثه لولدك . وله يومئذ تسع بنات ، قال: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي . قال: فو الله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبه ، من مولاك؟ قال: الله ، فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه ، فيقضيه .

قال: وقتل الزبير ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين فيهما الغابة ، وإحدى عشرة دارا بالمدينة ، ودارين بالبصرة ، ودارا بالكوفة ، ودارا بمصر . قال: وإنما كان دينه الذي كان عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه ، فيقول الزبير: لا ، ولكن هو سلف ، إني أخشى عليه الضيعة ، وما ولي إمارة قط ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا إلا أن يكون في غزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم .

قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف ، فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير ، فقال: يا ابن أخي كم على أخي من الدين؟

قال: فكتمته وقلت مائة ألف ، فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تتسع لهذه ، فقال عبد الله : أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا ، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي ، وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف ، فباعها عبد الله بن الزبير بألف ألف وستمائة ألف ، ثم قام فقال: من كان له على الزبير شيء فليوافنا بالغابة ، فأتاه عبد الله بن جعفر - وكان له على الزبير أربعمائة ألف – فقال لعبد الله بن الزبير: إن شئتم تركتها لكم وإن شئتم فأخروها فيما تؤخرون ، إن أخرتم شيئا ، فقال عبد الله بن الزبير: لا ، قال: فاقطعوا لي قطعة ، فقال له عبد الله : لك من هاهنا إلى ها هنا ، قال: فباعه منها بقضاء دينه ، فأوفاه وبقي منها أربعة أسهم ونصف .

قال: فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وابن زمعة ، قال: فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف ، قال: كم بقي؟ قال: [ ص: 110 ] أربعة أسهم ونصف ، قال: فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف ، فقال معاوية: فكم بقي؟ قال: سهم ونصف ، قال: أخذته بخمسين ومائة ألف .

قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف ، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه ، قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا ، قال: لا والله لا أقسم بينكم ميراثكم حتى أنادي في الموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه . قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم ، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم . قال: وكان للزبير أربع نسوة ، قال: وربع الثمن فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف . قال: فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف .

قال علماء السير: حضر الزبير يوم الجمل ، ثم بدا له أن يقاتل فركب فرسه وانطلق يريد المدينة فلحقه قوم فقاتلوه ، وحمل عليه عمرو بن جرموز فطعنه فأثبته فوقع فاعتوروه وأخذوا سيفه ، وأخذ ابن جرموز رأسه فحمله إلى علي وأتى بسيفه فأخذه علي رضي الله عنه ، وقال: سيف والله طال ما جلا به عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرب . وقال: بشر قاتل ابن صفية بالنار ، وجلس يبكي عليه هو وأصحابه ، وقال: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله: ونزعنا ما في صدورهم من غل . ودفن الزبير بوادي السباع ، وكانت عنده عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل ، وكان أهل المدينة يقولون: من أراد الشهادة فليتزوج عاتكة ، لأنها كانت عند عبد الله بن أبي بكر ، فقتل عنها ، ثم كانت عند عمر بن الخطاب فقتل عنها ، ثم عند الزبير فقتل عنها وهو ابن أربع وستين سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية