صفحة جزء
فصل

فأما يرد أبو إدريس ، فإنه عاش تسعمائة سنة .

وروى أبو صالح ، عن ابن عباس ، قال: في زمان يرد عبدت الأصنام .

أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ ، أخبرنا أبو الحسن بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة ، قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله الجوهري ، حدثنا أبو علي الحسن بن عليل العنبري ، حدثنا أبو الحسن علي بن الصباح بن الفرات ، أخبرنا هشام بن السائب الكلبي ، قال: أخبرني أبي ، قال: أول ما عبدت الأصنام أن آدم عليه [ ص: 232 ] السلام لما مات جعله بنو شيث في مغارة في الجبل الذي أهبط عليه بأرض الهند ، ويقال للجبل نود .

وقال هشام : وأخبرني أبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال: فكان بنو شيث يأتون جنب آدم في المغارة فيعظمونه ويترحمون عليه ، فقال رجل من بني قابيل : إن لبني شيث دوارا يدورون حوله ويعظمونه وليس لكم شيء فنحت لهم صنما فكان أول من عملها .

وأخبرني أبي ، قال: كان ود ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ، قوما صالحين ، فماتوا في شهر فجزع عليهم أهاليهم وأقاربهم ، فقال رجل من بني قابيل : يا قوم هل لكم أن أعمل لكم خمسة أصنام على صورهم ، غير أني لا أقدر أن أجعل فيها أرواحا ، قالوا: نعم ، فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم ونصبها لهم ، وكان الرجل يأتي أخاه وعمه وابن عمه ليعظمه ويسعى حوله حتى ذهب ذلك القرن الأول ، وعملت على عهد يرد بن مهلائيل ، ثم جاء قرن آخر فعظموهم أشد من تعظيم القرن الأول ، ثم جاء من بعدهم القرن الثالث ، فقالوا: ما عظم أولونا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله ، فعبدوهم وعظم أمرهم واشتد كفرهم ، فبعث الله إليهم إدريس ، فدعاهم ، ولم يزل أمرهم يشتد حتى بعث نوحا وجاء الطوفان ، فأهبط الماء هذه الأصنام من أرض إلى أرض حتى قذفها إلى أرض جدة .

والصحيح أن هذه الأصنام الخمسة عملت بعد نوح على ما سنذكره ، فيجوز أن يكونوا عملوها اتباعا لفعل قدمائهم . [ ص: 233 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية