ذكر 
خروج الخوارج على أمير المؤمنين رضي الله عنه  . 
لما رجع 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  رضي الله عنه من 
صفين  فدخل 
الكوفة  لم تدخل معه 
الخوارج  ،  
[ ص: 124 ] وكانوا من وقت تحكيمه يردون عليه ولا يرضون بفعله ، فلما رجع باينوه فأتوا 
حروراء  ، فنزل بها منهم اثنا عشر ألفا ، وقالوا: لا حكم إلا لله - وكان ذلك أول ظهورهم - ونادى مناديهم: إن أمير القتال 
شبث بن ربعي التميمي  ، وأمير الصلاة 
عبد الله بن الكواء اليشكري  ، والأمر شورى . 
فبعث  nindex.php?page=showalam&ids=8علي  رضي الله عنه عبد الله بن العباس  إلى الخوارج  ، فقال: ما نقمتم من الحكمين . أخبرنا 
إسماعيل بن أحمد السمرقندي  ، قال: أخبرنا 
محمد بن هبة الله الطبري  ، قال: أخبرنا 
محمد بن الحسين بن الفضل  ، قال: أخبرنا 
عبد الله بن جعفر بن درستويه  ، قال: أخبرنا 
يعقوب بن سفيان  ، قال: حدثنا 
موسى بن مسعود  ، قال: أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار  ، عن 
أبي زميل سماك  ، قال: قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس:  لما اعتزلت 
الخوارج  وأجمعوا أن يخرجوا على 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  رضي الله عنه أتيته يوما قبل الظهر ، فقلت له: يا أمير المؤمنين ، أبرد بالصلاة لعلي أدخل على هؤلاء القوم فأكلمهم ، فقال: إني أخاف عليك ، فقلت: كلا ، وكنت حسن الخلق ، لا أوذي أحدا ، فأذن لي فدخلت عليهم فلم أر قوما أشد منهم اجتهادا جباههم قرحة من السجود ، وأيديهم كأنها نقر الإبل ، وعليهم قمص مرحضة مشمرين ، مشهمة وجوههم من السهر ، فسلمت عليهم ، فقالوا: مرحبا 
بابن عباس  ، ما جاء بك؟ فقال: أتيتكم من عند 
المهاجرين  والأنصار  ، ومن عند صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله منكم ، فقالت طائفة منهم: لا تخاصموا 
قريشا  ، فإن الله تعالى يقول: 
بل هم قوم خصمون فقال اثنان أو ثلاثة: لنكلمنه ، فقلت: هاتوا ما نقمتم على صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: ثلاثا ، أما إحداهن: فإنه حكم الرجال في أمر الله ، وقد قال الله تعالى: 
إن الحكم إلا لله ، فما شأن الرجال والحكم؟ فقلت: هذه  
[ ص: 125 ] واحدة ، قالوا: وإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فلئن كانوا مؤمنين ما حل لنا قتالهم وسبيهم . قالوا: ومحى نفسه من أمير المؤمنين ، فإذا لم يكن أمير المؤمنين فإنه أمير الكافرين . 
فقلت لهم: أما قولكم: حكم الرجال في أمر الله ، أنا أقرأ عليكم في كتاب الله ما ينقض قولكم ، إن الله صير من حكمه إلى الرجال في ربع درهم ثمن أرنب ، وتلا 
قوله تعالى: لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم الآية . وفي المرأة وزوجها: 
وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فنشدتكم الله ، هل تعلمون حكم الرجال في إصلاح ذات بينهم ، وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في أرنب وبضع امرأة ، فأيهما ترون أفضل؟ قالوا: بل هذه ، قلت: خرجت من هذه؟ قالوا: نعم . 
قلت: وأما قولكم: قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فتسبون أمكم 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  ، فو الله إن قلتم ليست بأمنا لقد خرجتم من الإسلام ، وإن قلتم لنسبينها ونستحل منها ما نستحل من غيرها خرجتم من الإسلام ، أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم . 
قلت: وأما قولكم: محى نفسه من أمير المؤمنين ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يوم 
الحديبية  كاتب 
 nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان بن حرب   nindex.php?page=showalam&ids=3795وسهيل بن عمرو ،  فقال: 
يا علي  اكتب: هذا ما صالح عليه 
محمد رسول الله  ، فقالوا: ما نعلم أنك رسول الله ، ولو نعلم ما قاتلناك ، فقال: امح يا 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  واكتب: هذا ما كاتب عليه 
محمد بن عبد الله  ، فو الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم خير من 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  وقد محى نفسه . فرجع منهم ألفان ، وخرج سائرهم فتقاتلوا . 
قال علماء السير: وجاء 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب   [رضي الله عنه إلى القوم] 
 nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  يكلمهم ، فقال لهم: من زعيمكم؟ قالوا: 
ابن الكواء  ، قال: فما أخرجكم علينا؟  
[ ص: 126 ] قالوا: حكومتك يوم 
صفين  ، قال: أنشدكم بالله ، أتعلمون أنهم حيث 
رفعوا المصاحف فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله قلت لكم إني أعلم بالقوم منكم ، إنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، إني عرفتهم أطفالا ورجالا ، فكانوا شر أطفال وشر رجال ، امضوا على حقكم ، فإنما رفعهم المصاحف خديعة ، فرددتم علي رأيي وقلتم: لا بل نقبل منهم ، فلما أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن ، وأن يميتا ما أمات القرآن ، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكم من حكم بما في القرآن ، وإن أبيا فنحن من حكمهما براء . 
قالوا له: فخبرنا ، أتراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء؟ فقال: إنا لسنا حكمنا الرجال ، إنما حكمنا القرآن ، وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين ، لا ينطق ، إنما يتكلم به الرجال ، ادخلوا مصركم ، فدخلوا من عند آخرهم . 
وقال 
الخوارج  منهم: كان الأمر كما وصفت ، ولكن كان ذلك كفرا منا ، فقد تبنا إلى الله منه ، فتب كما تبنا نبايعك ، وإلا فنحن مخالفون . فانصرف 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  بأصحابه ، فقال قوم: إنه أقر لهم بالخطأ ، فصعد المنبر فذكر أمرهم فعابه ، فوثبوا من نواحي المسجد يقولون: لا حكم إلا لله ، فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي:  كلمة حق أريد بها باطل . 
وفي هذه السنة كان 
اجتماع الحكمين 
فبعث 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  رضي الله عنه أربعمائة رجل عليهم 
شريح بن هانئ الحارثي  ، وفيهم 
أبو موسى   [الأشعري] ، وبعث معهم 
 nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس  يصلي ويلي أمورهم ، ولم يحضر 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  وبعث 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية   nindex.php?page=showalam&ids=13عمرو بن العاص  في أربعمائة من 
أهل الشام  ، ثم جاء 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية  ، واجتمعوا 
بأذرح  ، وشهد معهم 
 nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16414وعبد الله بن الزبير  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة  في جماعة كثيرة . 
وخرج 
عمرو بن سعد بن أبي وقاص  ، فأتى أباه وهو بالبادية ، فقال: يا أبت ، قد بلغك ما كان بين الناس 
بصفين  ، وقد حكموا وقد  
[ ص: 127 ] شهدهم نفر من 
قريش  ، فاشهدهم فإنك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد أهل الشورى ، وأنت أحق بالخلافة ، فقال: لا أفعل ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 
nindex.php?page=hadith&LINKID=662274 "إنه تكون فتنة خير الناس فيها الخفي التقي"  . 
والتقى الحكمان ، فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13عمرو بن العاص:  يا 
أبا موسى  ، أرأيت أول ما يقضى به من الحق أن يقضى لأهل الوفاء بوفائهم ، وعلى أهل الغدر بغدرهم ، قال: وما ذاك؟ قال: ألست تعلم أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية  وأهل الشام  قد وافوا وقدموا للموعد؟ قال: بلى ، قال 
عمرو:  اكتبها ، فكتبها 
أبو موسى  ، قال: ألست تعلم أن 
عثمان رضي الله عنه  قتل مظلوما؟ قال: أشهد ، 
قال: أفلست تعلم أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية  وآل معاوية  أولياؤه؟ قال: بلى ، قال: فإن الله عز وجل قال: 
ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ، فما يمنعك من 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية  ولي 
عثمان  ، وبيته في 
قريش  كما قد علمت ، فإن قال الناس ليس له سابقة فلك حجة ، وهي أن تقول: إني وجدته ولي 
عثمان  المظلوم ، والطالب بدمه ، وقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: 
إني لم أكن لأوليه ، وأدع المهاجرين الأولين  والأنصار  ، ولو خرج لي من سلطانه ما كنت لأرتشي في حكم الله ، ولكنك إن شئت أحيينا اسم 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب   . 
فأبى 
عمرو  وقال: أخبرني عن رأيك ، قال: رأيي أن نخلع هذين الرجلين ونجعل الأمر شورى بين المسلمين ، فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبوا ، فقال له 
عمرو:  فإن الرأي ما رأيت ، فأقبلا إلى الناس فقال 
عمرو:  يا 
أبا موسى  أعلمهم بأن رأينا قد اجتمع ، فتكلم 
أبو موسى  فقال: رأيي ورأي 
عمرو  قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله به أمر هذه الأمة ، فقال 
عمرو:  صدق وبر ، يا 
أبا موسى  ، تقدم فتكلم . فتقدم 
أبو موسى  ليتكلم فدعاه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  فقال له: ويحك ، والله إني لأظنه قد خدعك إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه فليتكلم بذلك قبلك ، فإني لا آمن أن يخالفك ، فقال: إنا قد اتفقنا . 
فتقدم 
أبو موسى  ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: أيها الناس ، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أصلح لأمرها ولا ألم لشعثها من أمر قد اجتمع عليه رأيي ورأي 
عمرو  ، وهو أن نخلع 
عليا   nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية  ، وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر ، فيولوا منهم ما أحبوا  
[ ص: 128 ] عليهم ، وإني قد خلعت 
عليا   nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية  ، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلا ، ثم تنحى . 
وأقبل 
عمرو  فقام مقامه ، فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن هذا قد قال ما سمعتم ، وخلع صاحبه ، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه ، وأثبت صاحبي [ 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية   ] ، فإنه ولي 
عثمان  ، والطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه ، فقال له 
أبو موسى:  ما لك ، لا وفقك الله ، غدرت وفجرت ، إنما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث . قال 
عمرو:  إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا . 
وحمل 
 nindex.php?page=showalam&ids=16099شريح بن هانئ  على 
عمرو  فقنعه بالسوط ، وحمل على 
شريح  ابن 
لعمرو  فضربه بالسوط ، وقام الناس فحجزوا بينهم . فالتمس 
أهل الشام  أبا موسى  فركب راحلته ولحق 
بمكة   . وكان يقول: اطمأننت إلى 
عمرو  وظننت أنه لن يؤثر شيئا على نصح الأمة ، ولقد حذرنيه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس   . 
وانصرف 
عمرو  وأهل الشام  إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية  وسلموا عليه بالخلافة وقام 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية  عشية في الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد ، من كان متكلما في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر:  فأطلعت حويتي فأردت أن أقول: يتكلم فيه رجال قاتلوك وأباك على الإسلام ، ثم خشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجماعة ويسفك فيها دم وأحمل فيها على غير رأيي ، وذكرت ما وعد الله في الجنان فأمسكت . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13عمرو بن العاص:  بلغني أن 
عتبة بن أبي سفيان  قال 
لعبد الله بن عباس:  ما منع 
عليا  أن يبعثك مكان 
أبي موسى  ، فقال 
عبد الله   : منعه والله من ذلك حاجز القدر ، وقصر المدة ، ومحنة الابتلاء ، أما والله لو بعثني لاعترضت في مدارج نفس 
عمرو  ناقضا ما أبرم ومبرما لما نقض ، أسف إذا طار وأطير إذا أسف ، ولكن مضى قدر وبقي أسف ، والآخرة خير لأمير المؤمنين . 
وقال 
خريم بن فاتك الأسدي  هذه الأبيات: 
لو كان للقوم رأي يرشدون به أهل العراق  رموكم بابن عباس      لله در أبيه أيما رجل 
ما مثله لفصال الأمر للناس  [ ص: 129 ]     لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن 
لم يدر ما ضرب أخماس لأسداس 
أخبرنا 
أبو القاسم الحريري  ، قال: أخبرنا 
أبو طالب العشاري  ، قال: حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269أبو الحسن الدارقطني  ، قال: حدثنا 
أبو الحسين إبراهيم بن بيان الرزاد  ، قال: حدثنا 
أبو سعيد الخرقي  ، قال: حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، [قال: سألت أبي] قلت: ما تقول في 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي   nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية  ؟ فأطرق ثم قال: يا بني ، إيش أقول فيهما ، أعلم أن 
عليا  كان كثير الأعداء ففتش له أعداؤه عيبا فلم يجدوا ، فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فوضعوا له فضائل كيدا منهم له . [أو كما قال] .