صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

354 - جعفر بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب :

قدم مع أبيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلما ، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وحنينا وثبت يومئذ .

355 - جرير بن عبد الله بن مالك بن نصر بن ثعلبة ، وقيل : جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك ، يكنى أبا عمرو ، وقيل : أبا عبد الله :

قدم المدينة في رمضان سنة عشر فأسلم ، وقال : لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي ثم حللت عيبتي ولبست حلي ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب ، فسلمت عليه ، فرماني الناس بالحدق فقلت لجليسي : هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمري شيئا ؟ قال : نعم ، ذكرك فأحسن الذكر بيننا ، وهو يخطب قال : "سيدخل عليكم من هذا الفج - أو من هذا الباب - الآن من خير ذي يمن ، على وجهه مسحة ملك " ، فحمدت الله على ما أبلاني .

ولما جاء جرير يبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بسط له ثوبا ليجلس عليه ، وقال : "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " . وكان جرير سيدا في قومه .

وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هدم ذي الخلصة ، وهو بيت لخثعم كان يسمى الكعبة اليمانية ، فأضرمه بالنار .

أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر ، قال : أخبرنا الجوهري ، قال : أخبرنا ابن حيوية ، [ ص: 245 ] قال : أخبرنا ابن معروف ، قال : حدثنا ابن الفهم ، قال : حدثنا ابن سعد ، قال : أخبرنا وهب بن جرير ، قال : أخبرنا شعبة عن مغيرة ، عن الشعبي :

أن عمر كان في بيت ومعه جرير بن عبد الله فوجد ريحا ، فقال : عزمت على صاحب هذه الريح لما قام فتوضأ ، فقال جرير : يا أمير المؤمنين ، أو يتوضأ القوم جميعا ، فقال عمر : رحمك الله ، نعم السيد كنت في الجاهلية ، ونعم السيد أنت في الإسلام .

قال ابن سعد : وقال يزيد بن جرير عن أبيه ، أن عمر قال له والناس يتحامون العراق ، وقتال الأعاجم : سر بقومك فما غلبت عليه فلك ربعه ، فلما جمعت الغنائم - غنائم جلولاء - ادعى جرير أن له ربع ذلك كله ، فكتب سعد إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب عمر : صدق جرير وقد قلت ذلك له ، فإن شاء أن يكون قاتل هو وقومه على جعل فاعطوه جعله ، وأن يكون قاتل لله ولدينه وحسبه فهو رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم .

فلما قدم الكتاب على سعد أخبر جريرا بذلك ، فقال جرير : صدق أمير المؤمنين ، لا حاجة لي به ، بل أنا رجل من المسلمين .

قال علماء السير : شهد جرير مع المسلمين يوم المدائن ، فلما مصرت الكوفة نزلها ، فمكث بها إلى خلافة عثمان ، ثم بدت الفتنة فانتقل إلى قرقيسيا وسكنها إلى أن مات ودفن بها .

أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا أحمد بن علي الحافظ ، قال : أخبرنا ابن حيوية ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا عمر بن أحمد ، قال : حدثنا خليفة ، قال :

نزل جرير قرقيسيا فمات بها سنة إحدى وخمسين .

وكذلك قال محمد بن المثنى .

وقال هشام بن محمد الكلبي : مات سنة أربع وخمسين .

[ ص: 246 ] 356 - حارثة بن النعمان بن نفع ، أبو عبد الله الأنصاري :

شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال : أخبرنا الجوهري ، قال : أخبرنا حيوية ، قال : أخبرنا معروف ، قال : حدثنا ابن الفهم ، قال : حدثنا محمد بن سعد ، قال : قال حارثة . رأيت جبريل مرتين حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة ، مر بنا في صورة دحية ، وحين رجعنا من خيبر مررت وهو يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسلم ، فقال جبريل : من هذا ؟ قال : حارثة ، قال : لو سلم لرددنا عليه . قال ابن سعد : وقال الواقدي : كانت لحارثة منازل قرب منازل النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وكان كلما أحدث النبي صلى الله عليه وسلم أهلا تحول عن منزل بعد منزل حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم :

"لقد استحييت من حارثة مما يتحول لنا عن منازله" .


قال ابن سعد : وأخبرنا عبد الرحمن بن يونس ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، قال : حدثني محمد بن عثمان ، عن أبيه . أن حارثة بن النعمان كان قد كف بصره ، فجعل خيطا من مصلاه إلى باب حجرته ، ووضع عنده مكتلا فيه تمر وغير ذلك ، فكان إذا سأل المسكين أخذ من ذلك التمر ثم أخذ على ذلك الخيط حتى يأخذ إلى باب الحجرة فيناوله المسكين ، فكان أهله يقولون : نحن نكفيك ، فيقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن مناولة المسكين تقي ميتة السوء " .

357 - [حجر بن عدي :

وقد سبقت قصة قتله آنفا ] :

[ ص: 247 ] 358 - سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل :

أسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها .

وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع طلحة ، يتجسسان خبر العير ففاتتهما بدر ، فضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهامهما وأجورهما . وقدما المدينة في اليوم الذي لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين ببدر . وشهد سعيد أحدا والخندق والمشاهد بعدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوفي بالعقيق في هذه السنة ، وغسله سعد بن أبي وقاص ، وحمل إلى المدينة فدفن بها وهو ابن بضع وسبعين سنة . وكان رجلا طوالا ، أدم أشعر .

359 - عبد الله بن أنيس بن أسعد بن حرام ، أبو يحيى :

شهد العقبة مع السبعين ، وكان يكسر أصنام بني سلمة هو ومعاذ بن جبل لما أسلما . ولم يشهد بدرا ، لكنه شهد أحدا وما بعدها ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرية وحده إلى سفيان بن خالد بن نبيح الهذلي وأمره أن يقتله ، فخرج فقتله ثم قدم فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه مخصرا - يعني عصا - فقال : خذ هذه تنخصر بها يوم القيامة فإن المنخصرين يومئذ قليل " . فلما حضرته الوفاة أمر أن تدفن معه في أكفانه ، ومات بالمدينة في خلافة معاوية .

360 - نفيع بن الحارث ، أبو بكرة :

ويقال : اسمه مسروح ، [ويقال : نفيع بن مسروح ] ، وأمه سمية ، وهو أخو زياد ابن سمية بن أبي سفيان لأمه .

كان عبدا لبعض أهل الطائف ، فلما حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى مناديه : أيما [ ص: 248 ] عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر ، فخرج بضعة عشر منهم أبو بكرة ، تدلى من بكرة ، فكني أبا بكرة .

وكان يقول : أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم . سكن البصرة ، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ، قال : حدثنا إبراهيم بن أحمد بن يحيى المزكي ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : أخبرنا الحسن بن سعيد المخزومي ، قال : حدثنا إسماعيل بن علية ، عن عيينة بن عبد الرحمن ، قال : حدثني أبي ، قال :

لما اشتكى أبو بكرة عرض عليه بنوه أن يأتوه بطبيب فأبى ، فلما نزل به الموت وعرف الموت من نفسه وعرفوه منه ، قال : أين طبيبكم ليردها إن كان صادقا ، قالوا : وما يغني الآن ، قال : وقبل الآن .

قال : وجاءت ابنته أمة الله ، فلما رأت ما به بكت ، فقال : أي بنية لا تبكي ، قالت : يا أبه ، فإذا لم أبك عليك فعلى من أبكي ؟ فقال : لا تبكي ، فوالذي نفسي بيده ما على الأرض نفس أحب إلي أن تكون قد خرجت من نفسي هذه ، ولا نفس هذا الذباب الطائر .

وأقبل على حمران بن أبان وهو عند رأسه ، فقال : لا أخبرك مم ذاك ، خشيت والله أن يجيء أمر يحول بيني وبين الإسلام ، ثم جاء أنس بن مالك فقعد بين يديه وأخذ بيده وقال : إن ابن أمك زيادا أرسلني إليك يقرئك السلام وقد بلغه الذي نزل بك من قضاء الله تعالى ، فأحب أن يحدث بك عهدا وأن يسلم عليك وأن يفارقك عن رضى ، قال : أفمبلغه أنت عني ؟ قال : نعم ، قال : فإني أحرج عليه أن يدخل لي بيتا ويحضر لي جنازة ، قال : لم يرحمك الله وقد كان لك معظما ولبنيك واصلا ، قال : في ذلك غضبت عليه ، قال : ففي خاصة نفسك ، فما علمته إلا مجتهدا ، قال : فأجلسوني ، فأجلسوه فقال : نشدتك بالله لما حدثتني عن أهل النهر ، أكانوا مجتهدين ؟ قالوا : نعم ، قال : أفأصابوا أم أخطأوا ، قال : هو ذاك ، ثم قال : أضجعوني . فرجع أنس إلى زياد فأبلغه ، فركب متوجها إلى الكوفة فتوفي ، فقدم بنوه أبا برزة فصلى عليه .

[ ص: 249 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية