صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

380 - أرقم بن أبي الأرقم بن أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، أبو عبد الله :

وأمه أميمة بنت الحارث من خزاعة ، وخاله نافع بن الحارث بن خزاعة عامل عمر بن الخطاب على مكة .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار ، قال : أخبرنا الجوهري ، قال : أخبرنا ابن حيوية ، قال : أخبرنا ابن معروف ، قال : حدثنا ابن الفهم ، قال : حدثنا محمد بن سعد ، قال : أخبرنا محمد بن عمران بن هند بن عبد الله بن عثمان بن الأرقم [بن أبي الأرقم المخزومي ] ، قال : حدثني أبي ، عن يحيى بن عمران بن عثمان بن الأرقم ، قال :

حدثني جدي عثمان بن الأرقم ، قال : أنا ابن سبعة في الإسلام ، أسلم أبي سابع سبعة ، وكانت داره بمكة على الصفا ، وهي الدار التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون فيها في أول الإسلام ، وفيها دعي الناس إلى الإسلام ، وأسلم فيها خلق كثير ، وقال ليلة الاثنين فيها : "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك : عمر بن الخطاب ، أو عمرو بن هشام " . فجاء عمر بن الخطاب من الغد بكرة فأسلم في دار الأرقم وخرجوا منها وكبروا وطافوا بالبيت ظاهرين ، فدعيت دار الأرقم دار الإسلام ، وتصدق بها الأرقم على ولده ، فقرأت نسخة صدقة الأرقم بداره .

"بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما قضى الأرقم في ربعه ما حاذى الصفا ، إنها [ ص: 280 ] محرمة بمكانها من الحرم ، لا تباع ولا تورث ، شهد هشام بن العاص ، وفلان مولى هشام بن العاص " . فلم تزل هذه الدار صدقة قائمة فيها ولده يسكنون ويؤاجرون ويأخذون عليها حتى كان زمن أبي جعفر .

قال محمد بن عمران : فأخبرني أبي ، عن يحيى بن عمران أن ابن عثمان بن الأرقم قال :

إني لأعلم اليوم الذي وقعت في نفس أبي جعفر ، إنه ليسعى بين الصفا والمروة في حجة حجها ونحن على ظهر الدار في فسطاط فيمر تحتنا لو أشاء أن آخذ قلنسوة عليه لأخذتها ، وإنه لينظر إلينا من حين يهبط بطن الوادي حتى يصعد إلى الصفا ، فلما خرج محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة ، كان عبد الله بن عثمان بن الأرقم ممن تابعه ولم يخرج معه ، فتعلق عليه أبو جعفر بذلك ، فكتب إلى عامله بالمدينة أن يحبسه ويطرحه في حديد ، ثم بعث رجلا من أهل الكوفة يقال له شهاب بن عبد رب ، وكتب معه إلى عامل المدينة أن يفعل ما يأمره به ، فدخل شهاب على عبد الله بن عثمان الحبس - وهو شيخ كبير ابن بضع وثمانين سنة ، وقد ضجر بالحديد والحبس - فقال له : هل لك أن أخلصك مما أنت فيه وتبيعني دار الأرقم ؟ فإن أمير المؤمنين يريدها ، وعسى إن بعته إياها أن أكلمه فيك فيعفو عنك قال : إنها صدقة ، ولكن حقي منها له ومعي فيها شركاء إخوتي وغيرهم ، فقال : إنما عليك نفسك ، أعطنا حقك وبرئت . فأشهد له بحقه ، وكتب عليه كتاب شراء على حساب سبعة عشر ألف دينار ، ثم تتبع إخوته ففتنهم بكثرة المال فباعوه ، فصارت لأبي جعفر ولمن أقطعها ، ثم صيرها المهدي للخيزران أم موسى وهارون ، فبنتها وعرفت بها ، ثم صارت لجعفر بن موسى أمير المؤمنين ، [ثم سكنها أصحاب الشطوي والعدني ، ثم اشترى ] عامتها غسان بن عباد من ولد موسى بن جعفر .

قال علماء السير : شهد الأرقم بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله ، ومات الأرقم [ ص: 281 ] بالمدينة في هذه السنة وهو ابن سبع وثمانين سنة ، وصلى عليه سعد بن أبي وقاص .

381 - سعد بن أبي وقاص ، واسم أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ويكنى أبا إسحاق :

وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي .

أسلم وهو ابن سبع عشرة سنة .

وقيل : تسع عشرة .

وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هذا خالي فليرني امرؤ خاله " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم سدد رميته وأجب دعوته " . وكان مجاب الدعوة ، ودعا فقال : اللهم إن لي بنين صغارا فأخر عني الموت حتى يبلغوا ، فأخر عنه الموت عشرين سنة .

وولي الولايات من قبل عمر وعثمان ، وجعله عمر أحد أصحاب الشورى ، وأمره على جيوش العراق ، ثم ولاه الكوفة .

وكان قصيرا ، غليظا ، ذا هامة ، شثن الأصابع ، آدم ، أفطس ، أشعر الجسد ، يخضب السواد . وكان له من الولد ، ثمانية عشر ذكرا ، وثماني عشرة أنثى .

وروى عنه من الصحابة ابن عباس ، وجابر بن سمرة ، والسائب بن يزيد ، وعائشة أم المؤمنين .

وكان عمر يقول لابنه : إذا حدثك سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فلا تسأل عنه غيره .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، قال : أخبرنا الجوهري ، قال : أخبرنا ابن حيوية ، قال : أخبرنا ابن معروف ، قال : أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال : حدثنا محمد بن سعد ، قال : أخبرنا عبد الله بن نمير ، ويعلى ومحمد ابنا عبيد ، قالوا : [ ص: 282 ] حدثنا إسماعيل بن خالد ، عن قيس بن حازم ، قال : سمعت سعد بن أبي وقاص يقول :

والله إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله ، ولقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام نأكله إلا ورق الحبلة وهذا السمر ، حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ما له خلط .

قال محمد بن سعد : وأخبرنا وكيع ، عن سفيان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عبد الله بن شداد ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال :

ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه إلا سعدا ، فإني سمعته يقول يوم أحد : "ارم سعد فداك أبي وأمي "
.

توفي سعد في قصر بالعقيق على عشرة أميال من المدينة ، فحمل على أعناق الرجال إلى المدينة ، وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة ، ثم صلى عليه أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرهن ووقف به عليهن فصلين عليه ودفن بالبقيع .

وكان أوصى أن يكفن في جبة صوف له ، كان لقي المشركين فيها يوم بدر فكفن فيها وذلك في سنة خمس وخمسين . كذلك قال خليفة بن خياط ، وسعيد بن عمير ، وعمرو بن علي المدائني .

وقال أبو نعيم الفضل بن دكين : سنة ثمان وخمسين .

وقال الهيثم بن عدي : سنة خمسين .

وقال ابن بكير : سنة أربع وخمسين ،

وهو آخر المهاجرين وفاة . والأول أثبت .

وترك يوم مات مائتي ألف وخمسين ألف درهم . وفي مقدار عمره أقوال ثلاث ، أحدها : ثلاث وثمانون . قاله إبراهيم بن سعد .

والثاني : أربع وسبعون . قاله عمرو بن علي .

[ ص: 283 ] والثالث : اثنتان وثمانون .

وقول الغلاس أثبت .

382 - سحبان بن زفر بن إياس بن عبد شمس بن الأحب الباهلي :

كان خطيبا بليغا يضرب المثل بفصاحته ، ودخل على معاوية بن أبي سفيان وعنده خطباء القبائل ، فلما رأوه خرجوا لعلمهم بقصورهم عنه ، فمن قوله :


لقد علم الحي اليمانيون أنني إذا قلت : أما بعد ، أني خطيبها



فقال له معاوية : اخطب ، فقال : انظروا لي عصا تقيم من أودي ، قالوا : وما تصنع بها وأنت بحضرة أمير المؤمنين ؟ قال : ما كان يصنع بها موسى وهو يخاطب ربه ، فأخذها وتكلم من الظهر إلى أن قارب العصر ما تنحنح ولا سعل ولا توقف ولا ابتدأ في معنى فخرج عنه وقد بقيت عليه بقية فيه ، فقال معاوية : الصلاة ، قال : الصلاة أمامك ألسنا في تحميد وتمجيد وعظة وتنبيه وتذكير ووعد ووعيد ، فقال معاوية : أنت أخطب الجن والإنس ، قال : كذلك أنت .

383 - فضالة بن عبيد بن نافذ بن قيس :

كان صبيا يوم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء كنا غلمانا نحتطب ، فأرسلنا إلى أهلنا وقال : قولوا قد جاء صاحبكم الذي تنتظرون ، فخرجنا إلى أهلنا فأخبرناهم ، فأقبل القوم .

وشهد فضالة أحدا والخندق وما بعدها ، وكان ممن بايع تحت الشجرة ، ثم خرج إلى الشام وصار قاضيا بها في خلافة معاوية .

384 - قثم بن العباس بن عبد المطلب :

كان [يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومر به ] رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلعب ، فحمله خلفه . [ ص: 284 ] واستعمله علي بن أبي طالب على المدينة ، وخرج مع سعيد بن عثمان في زمن معاوية ، فاستشهد بسمرقند .

385 - كعب بن عمرو بن عباد ، أبو اليسر :

شهد العقبة وبدرا وهو ابن عشرين سنة ، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان قصيرا دحداحا ، أبطن ، وهو الذي أسر العباس بن عبد المطلب يوم بدر .

وتوفي بالمدينة في هذه السنة .

[ ص: 285 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية