صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

422 - ربيعة بن كعب الأسلمي:

أسلم قديما وكان من أهل الصفة ، وكان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويبيت على بابه [ ص: 18 ] لحوائجه ، ويغزو معه ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فنزل [يين ، وهي من بلاد أسلم ، وهي] على بريد من المدينة ، وبقي إلى أيام الحرة .

أخبرنا ابن الحصين ، قال: أخبرنا ابن المذهب ، قال: حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا يعقوب ، قال: حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء ، عن نعيم ، عن ربيعة بن كعب ، قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ، فأجلس ببابه إذا دخل بيته أقول: لعله أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة ، فما أزال أسمعه يقول: سبحان الله ، سبحان الله ، [سبحان الله] وبحمده ، حتى أمل فأرجع أو تغلبني عيني فأرقد .

[قال]: فقال لي يوما لما يرى من خفتي [له] وخدمتي إياه: يا ربيعة ، سلني أعطك . قال: فقلت: أنظر في أمري يا رسول الله ثم أعلمك ذلك ، قال: ففكرت في نفسي فعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة ، وأن لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني . قال: فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي ، فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به ، قال: فجئته فقال: ما فعلت يا ربيعة؟ قال: فقلت: نعم يا رسول الله ، أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار ، قال: فقال: "من أمرك بهذا يا ربيعة؟" قال: فقلت: لا والله الذي بعثك بالحق ، ما أمرني به أحد ، ولكنك لما قلت سلني أعطك ، وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في أمري وعرفت أن الدنيا [ ص: 19 ] منقطعة وزائلة ، وأن لي فيها رزقا سيأتيني ، فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي ، قال:

فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ، ثم قال لي: "إني فاعل ذلك فأعني على نفسك [بكثرة] السجود" .


423 - عبد الله بن حنظلة الغسيل ابن أبي عامر الراهب:

كان حنظلة لما أراد الخروج إلى أحد وقع على امرأته جميلة ، فعلقت بعبد الله في شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة ، وقتل حنظلة يومئذ شهيدا فغسلته الملائكة ، فقيل لولده: بنو غسيل الملائكة ، وولدت جميلة عبد الله ، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعبد الله سبع سنين .

ولما وثب أهل المدينة ليالي الحرة فأخرجوا بني أمية عن المدينة ، وأظهروا عيب يزيد ، أجمعوا على عبد الله ، فأسندوا أمرهم إليه فبايعهم على الموت وقال: يا قوم ، اتقوا الله وحده ، فوالله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، إن رجلا ينكح الأمهات والبنات والأخوات ، ويشرب الخمر ويدع الصلاة ، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا . فتواثب الناس يومئذ يبايعون من كل النواحي . وما كان لعبد الله بن حنظلة تلك الليالي مبيت إلا المسجد ، فلما دخلوا المدينة قاتل حتى قتل يومئذ .

424 - أبو عائشة الهمداني ، واسمه مسروق بن الأجدع بن مالك:

سرق وهو صغير ثم وجد فسمي مسروقا . ورأى أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وابن مسعود ، وحضر مع علي حرب الخوارج بالنهروان ، وقال عمر بن الخطاب: ما اسمك؟ فقال: مسروق بن الأجدع ، فقال: مسروق بن عبد الرحمن .

[ ص: 20 ]

وعمرو بن معديكرب خال مسروق .

وقال ابن المديني: ما أقدم على مسروق أحد من أصحاب عبد الله .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: أخبرنا علي بن محمد المعدل ، قال: أخبرنا دعلج ، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ، قال: حدثنا أبو كريب ، قال: حدثنا حجاج ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال: حج مسروق فلم ينم إلا ساجدا على وجهه حتى رجع .

أخبرنا القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، قال: حدثنا ابن رزق ، قال: أخبرنا أحمد بن سلمان ، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا ، قال: حدثني أزهر بن مروان ، قال: حدثنا حماد بن زيد ، عن أنس بن سيرين ، أن امرأة مسروق قالت: كان يصلي حتى ورمت قدماه ، فربما جلست خلفه أبكي مما أراه يصنع بنفسه .

توفي مسروق رضي الله عنه بالكوفة في هذه السنة ، وهي سنة ثلاث وستين ، وله ثلاث وستون سنة .

[ ص: 21 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية