صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

425 - عبد الله بن سوار بن همام العبدي:

وكان شريفا جوادا ، وولاه معاوية السند .

أنبأنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحميدي ، قال: حدثنا محمد بن سلامة القضاعي ، قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب ، قال: حدثنا ابن دريد ، قال: أخبرنا العكلي ، عن عبد الله بن أبي خالد ، عن الهيثم بن عدي ، عن رجاله ، قالوا:

وفد على عبد الله بن سوار بن همام العبدي رجل من أهل البصرة وهو عامل معاوية على السند ، فانتظر إذنه ثلاثا ثم دخل عليه فأنكره ، فقال: من الرجل؟ قال: من أهل البصرة من بني تميم من بني سعد ، قال: وما وراءك؟ قال: حرمة قمت بها ، قال: وما هي؟ قال: كنت تمر بمجلس بني سور فتسلم فأرد عليك أتم من سلامك بأجهر من كلامك ، وأتبعك بدعائي من بين رجال قومي ، قال: حرمة والله .

وكان عبد الله بن سوار شريفا جوادا ، فقال: ما حاجتك؟ قال: أملي ، قال: وما أملك؟ قال: ما أستغني به عن غيرك إن عشت ، وتنمو به عقبي إن مت . فأمر له بثلاثين ألفا ، وكساه وقال: هي لك عندي في كل سنة إن أبقاني لك الدهر .

[ ص: 32 ]

426 - معاوية بن يزيد بن معاوية ، أبو ليلى ، ويقال: أبو عبد الرحمن [عبد الله]:

ولي بعد أبيه يزيد وهو ابن تسع عشرة سنة . وقيل: ثلاثة عشر وثمانية عشر يوما .

وبويع له بالشام فأقام نحو ثلاثة أشهر . وقيل: أربعين ليلة . وتوفي في هذه السنة .

وكان خيرا ذا دين ، سألته أمه أم هانئ بنت أبي هشام بن عتبة بن ربيعة في مرضه أن يستخلف أخاه خالد بن يزيد فأبى وقال: والله لا أحملها حيا وميتا ، فقالت له: وددت أنك كنت نسيا منسيا ولم تضعف هذا الضعف ، قال: وددت أني كنت نسيا منسيا ولم أسمع بذكر جهنم ، ثم قال: يا حسان بن مالك ، اضبط ما قبلك وصل بالناس إلى أن يرضى المسلمون بإمام يحققون عليه .

وروى أبو جعفر الطبري: أنه خطب الناس فقال: إني نظرت في أمركم فصعقت عنه فابتغيت لكم رجلا مثل عمر بن الخطاب حين فزع إليه أبو بكر فلم أجده ، فابتغيت لكم سنة الشورى مثل سنة عثمان ولم أجدهم ، فأنتم أولى بأمركم فاختاروا له من أحببتم ، ثم دخل منزله ولم يخرج إلى الناس . فقال بعض الناس: إنه دس إليه فسقي سما . وقيل: بل طاعن .

427 - المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة ، أبو عبد الرحمن .

أمه عاتكة بنت عوف ، أخت عبد الرحمن بن عوف من المهاجرات المبايعات ، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسور ابن ثمان سنين ، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يلازم عمر بن الخطاب ويحفظ عنه ، وكان من أهل الفضل والدين ، ولم يزل مع خاله عبد الرحمن مقبلا ومدبرا في أمر الشورى ، ثم انحاز إلى مكة حين توفي معاوية ، وكره بيعة يزيد ، فلم يزل هنالك حتى قدم الحصين بن نمير وحضر حصار ابن الزبير .

أنبأنا الحسين البارع ، قال: أخبرنا ابن المسلمة ، قال: أخبرنا المخلص ، قال: [ ص: 33 ] أخبرنا أحمد بن سليمان ، قال: أخبرنا الزبير بن بكار ، قال: حدثني إبراهيم بن حمزة ، قال: أتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ببرود من اليمن فقسمها بين المهاجرين والأنصار ، وكان فيها برد فائق ، فقال: إن أعطيته أحدا منهم غضب أصحابه ورأوا أني فضلته عليهم ، فدلوني على فتى من قريش نشأ نشأة حسنة أعطه إياه ، فأسموا المسور بن مخرمة ، فدفعه إليه ، فنظر إليه سعد بن أبي وقاص على المسور ، فقال: ما هذا؟ قال: كسانيه أمير المؤمنين ، فجاء سعد إلى عمر فقال: تكسوني هذا البرد وتكسو ابن أخي أفضل منه؟ فقال: يا أبا إسحاق ، إني كرهت أن أعطيه أحدا منكم فيغضب أصحابه فأعطيته فتى نشأ نشأة حسنة حتى لا يتوهم فيه أني أفضله عليكم ، فقال سعد: فإني قد حلفت لأضربن بالبرد الذي أعطيتني رأسك ، فخضع له عمر رأسه وقال: عندك يا أبا إسحاق فارفق الشيخ بالشيخ ، فضرب رأسه بالبرد .

أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال: أخبرنا ابن حيويه ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا عبد الملك بن عمرو ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور: أن المسور كان لا يشرب من الماء الذي يوضع في المسجد ويكرهه ، ويرى أنه صدقة ، وأنه احتكر طعاما فرأى سحابا من سحاب الخريف فكرهه ، فلما أصبح أتى السوق فقال: من جاءني وليته ، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ، فأتاه بالسوق فقال: أجننت يا مسور؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين ، ولكني رأيت سحابا من سحاب الخريف فكرهته ، فكرهت ما ينفع المسلمين ، فكرهت أن أربح فيه ، وأردت ألا أربح فيه ، فقال عمر: جزاك الله خيرا .

قال ابن سعد: وأخبرنا محمد بن عمر ، قال: حدثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها: أنه كان يصوم الدهر ، وأنه أصابه حجر من المنجنيق ، ضرب البيت فانفلق منه فلقة [ ص: 34 ] فأصابت جدار المسور وهو قائم يصلي ، فمرض منها أياما ثم هلك في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد بن معاوية بمكة ، وابن الزبير يومئذ لا يتسمى بالخلافة ، والأمر شورى ، وهو ابن اثنتين وستين سنة .

428 - يزيد بن الأسود الجرشي:

كان عبدا صالحا ، وكان القطر قد احتبس في زمن معاوية ، فصعد المنبر ودعاه فصعد إليه ، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا ، اللهم إنا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود ، فسقي الناس ، ثم جرى له مثل هذا مع الضحاك بن قيس .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أخبرنا أحمد بن هبة الله الطبري ، قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان ، قال: حدثنا سعيد بن أسد ، قال: حدثنا ضمرة ، عن ابن أبي جميلة ، قال: أصاب الناس قحط بدمشق ، وعلى الناس الضحاك بن قيس الفهري ، فخرج بالناس يستسقي ، فقال: أين يزيد بن الأسود الجرشي ، فلم يجبه أحد مرارا ، فقال: عزمت عليه أن يسمع كلامي إلا قام ، فقام فرفع يديه فقال: اللهم يا رب إن عبادك تقربوا إليك فأسقهم ، فانصرف الناس وهم يخوضون الماء ، فقال: اللهم إنه قد شهرني فأرحني منه ، فما أتت عليه جمعة حتى قتل الضحاك .

429 - يزيد بن معاوية بن أبي سفيان:

توفي لأربع عشر خلت من ربيع الأول من هذه السنة بقرية من قرى حمص يقال لها حوارين ، وهو ابن خمس وثلاثين سنة . وقيل: تسع وثلاثين .

وكانت خلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر ، وقال الواقدي: وثمانية أشهر إلا ثمان ليال .

[ ص: 35 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية