صفحة جزء
ذكر قصة جرت لطارق بن عمرو مع سعيد بن المسيب

أخبرنا محمد بن ناصر ، قال: أنبأنا علي بن أحمد السري ، عن أبي عبد الله بن بطة العكبري ، قال: حدثني أبو صالح محمد بن أحمد ، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني ، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب ، عن وهب بن وهب ، عن عبد الله بن العلاء بن زيد ، عن علي بن الحسين رضي الله عنهما ، قال: ولى علينا عبد الملك بن مروان طارقا مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه . قال علي: فمشيت إلى سالم بن عبد الله بن عمر ، وإلى القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وإلى أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، فقلت: اذهبوا بنا إلى هذا الرجل نسلم عليه ندفع بذلك عن أنفسنا . قال: فأتيناه فسلمنا عليه فأجلسنا عنده ، ثم قال لنا: أيكم سعيد بن المسيب؟ قال: فكلمه القاسم بن محمد ، فقال له: أصلحك الله ، إن سعيد بن المسيب قد رفعت عنه الولاة إتيانها ، وقد ألزم نفسه المسجد ، فليس يبرح منه ، قال: رغب أن يأتيني ، والله لأقتلنه ، والله لأقتلنه ، والله لأقتلنه -ثلاثا- قال القاسم:

فضاق بنا المجلس حتى قمنا ، فجئت المسجد فتطلعت فيه فإذا سعيد بن المسيب عند [ ص: 121 ] أسطوانته جالس ، فدخلت عليه فأخبرته بما كان ، وقلت له: أرى لك أن تخرج الساعة إلى مكة فتعتمر وتقيم بها ، قال: ما حضرتني في ذلك نية ، وإن أحب الأعمال إلي ما نويت ، فقلت له: فإني أرى أن تخرج إلى بعض منازل إخوانك فتقيم فيه حتى ننظر ما يكون من الرجل ، قال: فكيف أصنع بهذا الداعي الذي يدعوني في كل يوم وليلة خمس مرات ، والله لا دعاني إلا أجبته على أي حال كان ، قلت له: فإني أرى أن تقوم من مجلسك هذا فتجلس إلى بعض هذه الأساطين فإنك إن طلبت فإنما تطلب عند أسطوانتك . قال: ولم أقوم من موضعي هذا الذي قد آتاني الله فيه العافية من كذا وكذا سنة ، [قلت له: رحمك الله ، أما تخاف على نفسك كما يخاف الناس؟ فقال لي]: والله لا أحلف بالله كاذبا ما خفت شيئا سواه ، قلت له: فبماذا أقوم من عندك رحمك الله ، فقد غممتني ، فقال: تقوم بخير ، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينسيه ذكري .

قال: فانصرفت من عنده فجعلت أسأل فرط الأيام [هل كان في المسجد خبر؟] فلا أخبر إلا بخير . قال: فأقام علينا واليا سنة لا يذكره ولا يخطر بباله حتى إذا عزل وصار بوادي القرى من المدينة على خمس مراحل ، قال لغلامه وهو يوضئه: ويحك! أمسك ، واسوءتاه من علي بن الحسين ، ومن القاسم بن محمد ، ومن سالم بن عبد الله ، ومن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، حلفت بين أيديهم ثلاثة أيمان لأقتلن سعيد بن المسيب ، والله ما ذكرته إلا في ساعتي هذه ، فقال له غلامه ، يا مولاي تأذن لي أن أكلمك؟ قال: نعم ، قال: فما أراد الله لك خير مما أردت لنفسك إذ أنساك ذكره .

فقال له: اذهب فأنت حر .

التالي السابق


الخدمات العلمية