صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

451 - أسماء بنت أبي بكر الصديق:

أسلمت قديما ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي ذات النطاقين .

وذلك أنها شقت نطاقها نصفين حين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى الغار ، فجعلت واحدا لسفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والآخر عصاما لقربته .

تزوجها الزبير وولدت عبد الله ، وعروة ، والمنذر ، وعاصما ، والمهاجر ، وخديجة ، وأم الحسن ، وعائشة ، وطلقها . وكانت تمرض المرضة فتعتق كل مملوك [ ص: 131 ] لها . وماتت في هذه السنة بعد أن قتل ابنها عبد الله بن الزبير بليال .

452 - بشر بن مروان بن الحكم ، أخو عبد الملك: ولي الولايات .

أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي ، قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن إبراهيم الجبري ، قالت: أخبرنا علي بن الحسن بن الفضل ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن خالد الكاتب ، قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري ، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي ، قال: حدثني الزبير بن بكار ، عن القاسم بن عدي ، عن أبيه ، قال: قال لي يتاذوق الطبيب الذي كان للحجاج -وكان قد أدرك كسرى بن هرمز ، وأدرك الحجاج ، أتت عليه ثلاثون ومائة سنة- قال: قال لي أمير من أمراء العراق ولم يسمه -قال الهيثم: وظنناه يعني بشر بن مروان؛ وذلك أن بشرا مات بالعراق وهو أميرها-: يا يتاذوق ، ما ترى هذه العلة قد طالت بي؟ فقلت: أصلح الله الأمير ، لا يستقيم أن أصف لك شيئا حتى أستبرئ ما بك ، وإن أحب الأمير أن أستبرئ ذلك فليدع بي على ريق النفس .

فلما كان من الغد دعا بي ، فدخلت عليه وأضجعته على حصير ليس تحته ولا تحت رأسه شيء ، فجسست ما بين أخمص قدميه إلى هامته ، ثم قلت: اجلس أيها الأمير ، فجلس ، فقلت: أيما أحب إليك أيها الأمير ، الصدق أم الكذب؟ قال: ما حاجتي إلى الكذب ، بل الصدق أحب إلي ، قلت: أيها الأمير ، إن الله عز وجل كتب الفناء على خلقه فهم ميتون ، فاعهد عهدك واكتب وصيتك . قال: يا يتاذوق ، قد نعيت إلي نفسي . قلت: أيها الأمير ، إن أردت أريك إمارة ما قلت؟ قال: نعم ، قلت: فادع لي بلحم أحمر ، فدعا بمسلوخ ، فأخذت قطعة من لحم الفخذ حراء ، فرققتها [ ص: 132 ] حتى جعلتها مثل قشر البيض ، ثم ثقبت فيها ثقبا وجعلت فيه خيط إبريسم دقيقا ، ثم قلت: ازدردها أيها الأمير ، فازدردها فتركتها في جوفه ساعة ، ثم جذبتها بالخيط فأخرجتها فإذا هي مملوءة دودا ، فقلت: أيها الأمير ، ما بقاء جوف هذا فيه ، فقال: يا يتاذوق ، وأنى أصابني هذا؟! فوالله لقد قدمت مصركم هذا فكتبت نفسي من الحر والبرد ، فقلت: أيها الأمير ، منها أتيت ، قدمت هذا المصر فكتبت نفسك في الشتاء باللبود والنيران ، فلم يصل إليك البرد ، وكتبته في الصيف بثياب الكتان والماء والثلج فلم يصل إليك الحر فتفكك جوفك ، والأبدان لا تقوم إلا بالحر والبرد وإن أذاها .

قال: فوالله ما عاش بعد هذا الكلام إلا ثلاثة أيام حتى مات .

التالي السابق


الخدمات العلمية