صفحة جزء
ثم دخلت سنة خمس وسبعين

فمن الحوادث فيها ضرب عبد الملك الدنانير والدراهم

وقد روينا أن أول من ضرب الدراهم آدم عليه السلام .

وقد وجدوا دراهم ضرب عليها اسم أردشير بن بابك قبل الإسلام بأكثر من أربعمائة سنة ، فضربها عبد الملك ونقش عليها . وكانت مثاقيل الجاهلية التي ضرب عليها عبد الملك اثنين وعشرين قيراطا إلا حبة بالشامي ، وكانت العشرة وزن سبعة .

وقيل: ضربها سنة ست وسبعين .

أنبأنا محمد بن عبد الملك ، قال: أنبأنا محمد بن علي بن ثابت ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف ، قال: حدثنا وكيع ، قال: حدثني هارون بن محمد ، قال: حدثنا زبير ، عن عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي ، عن ابن أبي الزناد ، عن أبيه: أن عبد الملك أول من ضرب الدنانير والدراهم في سنة خمس وسبعين .

وقال وكيع: وأخبرني محمد بن الهيثم ، قال: سمعت ابن بكير يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: [ ص: 148 ] أول من ضرب الدنانير عبد الملك ، وكتب عليها القرآن .

قال وكيع: وأخبرني ابن أبي خيثمة ، عن مصعب بن عبد الله ، قال: وكان وزن الدراهم والدنانير في الجاهلية وزنها اليوم في الإسلام مرتين تدور بين العرب ، وكان ما ضرب منها ممسوحا غليظا قصيرا ، وليس فيها كتاب ، حتى كتبها عبد الملك ، فجعل في وجه: قل هو الله أحد [112: 1] وفي الوجه الآخر: لا إله إلا الله . وطوقها بطوق فضة ، وكتب فيه: ضرب هذا الدرهم بمدينة كذا ، وفي الطرف الآخر: محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون [9: 33] .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله البقال ، قال: حدثنا أبو الحسين بن بشران ، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق ، قال: حدثنا حنبل بن إسحاق ، قال: حدثنا هارون بن معروف ، قال: حدثنا سفيان ، قال: قال أبو سعد: الحجاج أول من ضرب الدراهم البيض ، وكتب فيها: قل هو الله أحد [112: 1] قال: فقالوا: قاتله الله ، أي شيء [هذا] يحمل الناس على أن يأخذه الجنب والحائض .

قال هارون: وقال سفيان: أول من ضرب الدراهم السود زياد ، وأول من ضرب الدنانير عبد الملك بن مروان .

قال إبراهيم النخعي: جعل عمر بن الخطاب وزن عشرة دراهم ستة دنانير ، فلما ولي زياد جعل وزن عشرة سبعة .

روى أبو القاسم بن زنجي الكاتب ، قال: سمعت وكيعا يقول: كان القبط يكتبون على القراطيس: بسم الأب والابن وروح القدس ، وكذلك على الدراهم ، فوقف على ذلك عبد الملك بن مروان فأمر بتغييرها ، وأن يكتب عليها من القرآن وغيره . وأدخلت بلاد الروم على حسب ما كانت تدخل ، فلما رأى ملك الروم النقش مخالفا لما كان عليه سأل عنه ، فترجم له ، فأنكر وأهدى إلى عبد الملك هدية وكتب إليه يسأله أن يجري الأمر في القراطيس على ما كان عليه ، فرد الهدية ، وأبى ذلك ، فبعث إليه ملك الروم [ ص: 149 ] يتوعده ، فقطع الدنانير عن بلده ، فبعث إليه إن تعامل بها المسلمون بعد هذا فافعل ، وضرب الدنانير عبد الملك .

فأما الدراهم فإنها كانت ثلاثة أصناف: الوافية ، وهي النعلية ، وزن الواحد مثقال . والصنف الآخر الجزية ، وزن الواحد نصف مثقال ، وكان يتعامل بها في المشرق . والصنف الثالث الطبرية ، وزن العشرة منها ستة مثاقيل ، فجمع عبد الملك الثلاثة أصناف عشرة عشرة ، فصارت ثلاثين درهما عددا ، وزنها واحد وعشرون مثقالا ، فصير السبعة عشرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية