صفحة جزء
464 - صلة بن أشيم أبو الصهباء العدوي البصري:

وكان ثقة ورعا عابدا ، أسند عن ابن عياض وغيره .

وروى عنه الحسن ، وحميد ، وهلال .

[ ص: 170 ]

أخبرنا محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا جعفر بن أحمد ، قال: أخبرنا أحمد أبو علي التميمي ، قال: حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن جعفر ، عن يزيد الرشك ، عن معاذة ، قالت: كان أبو الصهباء يصلي حتى ما يستطيع أن يأتي فراشه إلا زحفا .

قال عبد الله: وحدثنا أبي ، قال: حدثنا أحمد بن الحجاج ، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال: أخبرنا المسلم بن سعيد الواسطي ، قال: حدثنا حماد بن جعفر بن زيد ، أن أباه أخبره قال: خرجنا في غزاة إلى كابل ، وفي الجيش صلة بن أشيم ، فنزل الناس عند العتمة ، فقلت: لأرمقن عمله فأنظر ما يذكر الناس من عبادته ، فصلى العتمة ثم اضطجع والتمس غفلة الناس حتى إذا قلت: هدأت العيون ، وثب فدخل غيضة قريبا منه ، ودخلت في أثره ، فتوضأ ثم قام يصلي .

قال: وجاء أسد حتى دنا منه . قال: فصعدت في شجرة . قال: فتراه التفت ، أو عده [جروا] حتى إذا سجد ، فقلت: الآن يفترسه . فجلس ثم سلم ، فقال: أيها السبع ، اطلب الرزق من مكان آخر ، فولى وإن له لزئيرا تصدع منه الجبال ، فما زال كذلك . فلما كان الصبح جلس فحمد الله عز وجل بمحامد لم أسمع بمثلها إلى ما شاء الله ، ثم قال: اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار ، أومثلي يجترئ أن يسألك الجنة ، ثم رجع ، فأصبح كأنه بات على الحشايا . وأصبحت وبي من الفترة شيء الله به عليم .

قال: فلما دنونا من أرض العدو قال الأمير: لا يشدن أحد من العسكر ، قال: فذهبت بغلته بثقلها فأخذ يصلي ، فقالوا له: إن الناس قد ذهبوا . فمضى ثم قال: دعوني أصلي ركعتين . فقالوا: الناس قد ذهبوا ، قال: إنهما خفيفتان ، قال: فدعا ثم قال: اللهم إني أقسم عليك أن ترد بغلتي وثقلها . قال: فجاءت حتى قامت بين يديه .

[ ص: 171 ]

فلما لقينا العدو حمل هو وهشام بن عامر فصنعا بهم طعنا وضربا وقتلا . فكسر ذلك العدو ، فقالوا: رجلان من العرب صنعا بنا هذا ، فكيف لو قاتلونا . فأعطوا المسلمين حاجتهم .

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ، قال: أنبأنا أبو الفتح أحمد بن محمد الحداد ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي ، أن أبا أحمد بن محمد بن محمد الحاكم النيسابوري أخبره قال: أخبرني أبو يوسف محمد بن سفيان الصفار ، قال: حدثنا سعيد ، قال: سمعت ابن المبارك ، عن السري بن يحيى ، قال: حدثنا العلاء بن هلال الباهلي: أن رجلا من قوم صلة قال لصلة: يا أبا الصهباء إني رأيت أني أعطيت شهدة وأنت شهدتين ، فقال: خيرا رأيت ، تستشهد وأستشهد أنا وابني . فلما كان يوم يزيد بن زياد لقيهم الترك بسجستان ، فكان أول جيش انهزم من المسلمين ذلك الجيش . فقال صلة لابنه: يا بني ، ارجع إلى أمك ، فقال: يا أبه أتريد الخير لنفسك وتأمرني بالرجوع [بل ارجع] أنت والله كنت خيرا مني لأمي . قال: أما إن قلت هذا فتقدم ، فقاتل حتى أصيب ، فرمى صلة عن جسده -وكان رجلا راميا- حتى تفرقوا عنه ، وأقبل يمشي حتى قام عليه ، فدعا له ، ثم قاتل حتى قتل .

أخبرنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا جعفر بن أحمد ، قال: أخبرنا أبو علي التميمي ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا عفان ، قال: حدثنا حماد بن سلمة ، قال: أخبرنا ثابت البناني: أن صلة بن أشيم كان في مغزى له ومعه ابنه ، فقال: أي بني ، تقدم فقاتل حتى أحتسبك . فتقدم فقاتل حتى قتل ، ثم تقدم هو فقتل . فاجتمعت النساء عند امرأته معاذة [ ص: 172 ] العدوية ، فقالت: إن كنتن جئتن لتهنئنني فمرحبا بكن ، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن .

قال مؤلف الكتاب رحمه الله: كانت هذه الغزاة في أول إمارة الحجاج .

التالي السابق


الخدمات العلمية