صفحة جزء
[محاورة جارية بن قدامة لسيدنا معاوية رضي الله عنه]

وأخرج ابن عساكر عن عبد الملك بن عمير قال: (قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية، فقال: من أنت؟ قال: جارية بن قدامة، قال: وما عسيت أن تكون؟ هل أنت إلا نحلة؟ قال: لا تفعل؛ فقد شبهتني بها حامية اللسعة، حلوة البساق، والله ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب، وما أمية إلا تصغير أمة).

وأخرج عن الفضل بن سويد قال: (وفد جارية بن قدامة على معاوية، فقال له معاوية: أنت الساعي مع علي بن أبي طالب، والموقد النار في شعلك، تجوس قرى عربية تسفك دماءهم؟.

قال جارية: يا معاوية؛ دع عنك عليا، فما أبغضنا عليا منذ أحببناه، ولا غششناه منذ نصحناه.

قال: ويحك يا جارية!! ما كان أهونك على أهلك إذ سموك جارية.

قال: أنت يا معاوية كنت أهون على أهلك؛ إذ سموك معاوية، قال: لا أم لك.

[ ص: 331 ] قال: أم ما ولدتني، إن قوائم السيوف التي لقيناك بها بصفين في أيدينا!! قال: إنك لتهددني؟!

قال: إنك لم تملكنا قسرة، ولم تفتحنا عنوة، ولكن أعطيتنا عهودا ومواثيق، فإن وفيت لنا... وفينا لك، وإن ترغب إلى غير ذلك.. فقد تركنا وراءنا رجلا مدادا، وأذرعا شدادا، وأسنة حدادا، فإن بسطت إلينا فترا من غدر.. دلفنا إليك بباع من ختر.

قال معاوية: لا أكثر الله في الناس أمثالك).

وأخرج عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الصحابي: أنه دخل على معاوية، فقال له معاوية: ألست من قتلة عثمان؟ قال: لا، ولكني ممن حضره فلم ينصره، قال: وما منعك من نصره؟ قال: لم ينصره المهاجرون والأنصار، فقال معاوية: أما لقد كان حقه واجبا عليهم أن ينصروه، قال: فما منعك يا أمير المؤمنين من نصره ومعك أهل الشام؟ فقال معاوية: أما طلبي بدمه نصرة له؟! فضحك أبو الطفيل ثم قال: أنت وعثمان كما قال الشاعر:


لا ألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادي

التالي السابق


الخدمات العلمية