صفحة جزء
[ولاية العهد بين أبناء الرشيد ]

وكان الرشيد بايع بولاية العهد لابنه محمد في سنة خمس وسبعين ، ولقبه [ ص: 464 ] الأمين ، وله يومئذ خمس سنين; لحرص أمه زبيدة على ذلك .

قال الذهبي : (فكان هذا أول وهن جرى في دولة الإسلام من حيث الإمامة ، ثم بايع لابنه عبد الله من بعد الأمين في سنة اثنتين وثمانين ، ولقبه المأمون ، وولاه ممالك خراسان بأسرها ، ثم بايع لابنه القاسم من بعد الأخوين في سنة ست وثمانين ، ولقبه المؤتمن ، وولاه الجزيرة والثغور وهو صبي .

فلما قسم الدنيا بين هؤلاء الثلاثة . . . قال بعض العقلاء : قد ألقى بأسهم بينهم ، وغائلة ذلك تضر بالرعية ، وقالت الشعراء في البيعة المدائح ، ثم إنه علق نسخة البيعة في البيت العتيق ، وفي ذلك يقول إبراهيم الموصلي :


خير الأمور مغبة وأحق أمر بالتمام     أمر قضى أحكامه الـ
ـرحمن في البيت الحرام

وقال عبد الملك بن صالح في ذلك :


حب الخليفة حب لا يدين له     عاصي الإله وشار يلقح الفتنا
الله قلد هارونا سياسته     لما اصطفاه فأحيا الدين والسننا
وقلد الأرض هارون لرأفته     بنا أمينا ومأمونا ومؤتمنا

قال بعضهم : وقد زوى الرشيد الخلافة عن ولده المعتصم; لكونه أميا ، فساقها الله إليه وجعل الخلفاء بعده كلهم من ذريته ، ولم يجعل من نسل غيره من أولاد الرشيد خليفة .

وقال سلم الخاسر في العهد للأمين :


قل للمنازل بالكثيب الأعفر     أسقيت غادية السحاب الممطر
قد بايع الثقلان مهدي الهدى     لمحمد بن زبيدة ابنة جعفر
[ ص: 465 ] قد وفق الله الخليفة إذ بنى     بيت الخلافة للهجان الأزهر
فهو الخليفة عن أبيه وجده     شهدا عليه بمنظر وبمخبر



فحشت زبيدة فاه جوهرا ، باعه بعشرين ألف دينار .

التالي السابق


الخدمات العلمية