صفحة جزء
[حصار بغداد وخوف أهلها ]

وقال عبد الله بن صالح الجرمي : لما قتل علي . . . أرجف الناس ببغداد إرجافا شديدا ، وندم الأمين على خلعه أخاه ، وطمع الأمراء فيه ، وشغبوا جندهم بطلب الأرزاق من الأمين ، واستمر القتال بينه وبين أخيه ، وبقي أمر الأمين كل يوم في إدبار لانهماكه في اللعب والجهل ، وأمر المأمون في ازدياد إلى أن بايعه أهل الحرمين وأكثر البلاد بالعراق .

وفسد الحال على الأمين جدا ، وتلف أمر العسكر ، ونفدت خزائنه ، وساءت حال الناس بسبب ذلك ، وعظم الشر ، وكثر الخراب والهدم من القتال ورمي المجانيق والنفط; حتى درست محاسن بغداد ، وعملت فيها المراثي ، ومن جملة ما قيل في بغداد .


بكيت دما على بغداد لما فقدت غضارة العيش الأنيق     أصابتها من الحساد عين
فأفنت أهلها بالمنجنيق

[ ص: 476 ] ودام حصار بغداد خمسة عشر شهرا ، ولحق غالب العباسيين وأركان الدولة بجند المأمون ، ولم يبق مع الأمين يقاتل عنه إلا غوغاء بغداد والحرافشة ، إلى أن استهلت سنة ثمان وتسعين : فدخل طاهر بن الحسين بغداد بالسيف قسرا ، فخرج الأمين بأمه وأهله من القصر إلى مدينة المنصور ، وتفرق عامة جنده وغلمانه ، وقل عليهم القوت والماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية