صفحة جزء
[العفو عند المقدرة ]

وأخرج عن سعيد بن مسلم قال : (قال المأمون : لوددت أن أهل الجرائم [ ص: 503 ] عرفوا رأيي في العفو; ليذهب عنهم الخوف ، ويخلص السرور إلى قلوبهم ) .

وأخرج عن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : (وقف رجل بين يدي المأمون قد جنى جناية ، فقال له : والله لأقتلنك ، فقال يا أمير المؤمنين تأن علي . . . فإن الرفق نصف العفو ، قال : وكيف وقد حلفت لأقتلنك ؟ فقال : لأن تلقى الله حانثا . . . خير من أن تلقاه قاتلا ، فخلى سبيله ) .

وأخرج الخطيب عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح قال : (بت عند المأمون ليلة ، فنام القيم الذي كان يصلح السراج ، فقام المأمون وأصلحه وسمعته يقول : ربما أكون في المتوضأ ، فيشتمني الخدام ويفترون علي ، ولا يدرون أني أسمع ، فأعفو عنهم ) .

وأخرج الصولي عن عبد الله بن البواب قال : (كان المأمون يحلم حتى يغيظنا ، وجلس مرة يستاك على دجلة من وراء ستر ونحن قيام بين يديه ، فمر ملاح وهو يقول : أتظنون أن هذا المأمون ينبل في عيني - وقد قتل أخاه - قال : فوالله ما زاد على أن تبسم وقال لنا : ما الحيلة عندكم حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل ؟ )

وأخرج الخطيب عن يحيى بن أكثم قال : (ما رأيت أكرم من المأمون; بت عنده ليلة فأخذه سعال ، فرأيته يسد فاه بكم قميصه حتى لا أنتبه ) .

وكان يقول : (أول العدل : أن يعدل الرجل في بطانته ، ثم الذين يلونهم حتى يبلغ إلى الطبقة السفلى ) .

وأخرج ابن عساكر عن يحيى بن خالد البرمكي قال : (قال لي المأمون : يا [ ص: 504 ] يحيى; اغتنم قضاء حوائج الناس; فإن الفلك أدور ، والدهر أجور من أن يترك لأحد حالا ، أو يبقي لأحد نعمة ) .

وأخرج عن عبد الله بن محمد الزهري قال : (قال المأمون : غلبة الحجة أحب إلي من غلبة القدرة; لأن غلبة القدرة تزول بزوالها ، وغلبة الحجة لا يزيلها شيء ) .

وأخرج عن العتبي قال : (سمعت المأمون يقول : من لم يحمدك على حسن النية . . لم يشكرك على جميل الفعل ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية