صفحة جزء
[الخلاف بين المعتمد وأخيه الموفق والحجر على المعتمد ]

وفي سنة تسع وستين : اشتد تخيل المعتمد من أخيه الموفق ، فإنه كان خرج عليه في سنة أربع وستين ، ثم اصطلحا ، فلما اشتد تخيله منه هذا العام . . . كاتب المعتمد أحمد بن طولون نائبه بمصر ، واتفقا على أمر ، فخرج ابن طولون حتى قدم دمشق ، وخرج المعتمد من سامراء على وجه التنزه وقصده دمشق .

فلما بلغ ذلك الموفق . . . كتب إلى إسحاق بن كنداج ليرده ، فركب ابن كنداج من نصيبين إلى المعتمد ، فلقيه بين الموصل والحديثة ، فقال : (يا أمير المؤمنين; أخوك في وجه العدو وأنت تخرج عن مستقرك ودار ملكك ؟ ! ومتى صح هذا عنده . . . رجع عن مقاومة الخارجي; فيغلب عدوك على دار آبائك . . . ) ، في كلمات أخر .

ثم وكل بالمعتمد جماعة ، ورسم على طائفة من خواصه ، ثم بعث إلى المعتمد يقول : (ما هذا بمقام فارجع ) ، فقال : المعتمد : (فاحلف لي أنك تنحدر معي ولا تسلمني ) ، فحلف له .

[ ص: 567 ] وانحدر إلى سامراء ، فتلقاه صاعد بن مخلد كاتب الموفق ، فسلمه إسحاق إليه ، فأنزله في دار أحمد بن الخصيب ، ومنعه من نزول دار الخلافة ، ووكل به خمسمائة رجل يمنعون من الدخول إليه .

ولما بلغ الموفق ذلك . . . بعث إلى إسحاق بخلع وأموال ، وأقطعه ضياع القواد الذين كانوا مع المعتمد ، ولقبه ذا السندين ، ولقب صاعدا : ذا الوزارتين ، وأقام صاعد في خدمة المعتمد; ولكن ليس للمعتمد حل ولا ربط ، وقال المعتمد في ذلك :


أليس من العجائب أن مثلي يرى ما قل ممتنعا عليه ؟     وتؤكل باسمه الدنيا جميعا
وما من ذاك شيء في يديه     إليه تحمل الأموال طرا
ويمنع بعض ما يجبى إليه

وهو أول خليفة قهر وحجر عليه ووكل به .

التالي السابق


الخدمات العلمية