صفحة جزء
[ ص: 650 ] خلافة المقتدي بأمر الله

[467 - 487 هـ]

أبو القاسم، عبد الله بن محمد بن القائم بأمر الله، مات أبوه في حياة القائم وهو حمل، فولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر، وأمه: أم ولد، اسمها أرجوان .

وبويع له بالخلافة عند موت جده، وله تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر، وكانت البيعة بحضرة الشيخ: أبي إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، والدامغاني .

وظهر في أيامه خيرات كثيرة، وآثار حسنة في البلدان، وكانت قواعد الخلافة في أيامه باهرة وافرة الحرمة، بخلاف من تقدمه.

ومن محاسنه: أنه نفى المغنيات والخواطئ ببغداد، وأمر ألا يدخل أحد الحمام إلا بمئزر، وخرب أبراج الحمام; صيانة لحرم الناس.

وكان دينا خيرا، قوي النفس، عالي الهمة، من نجباء بني العباس.

وفي هذه السنة من خلافته: أعيدت الخطبة للعبيدي بمكة.

وفيها: جمع نظام الملك المنجمين، وجعلوا النيروز أول نقطة من الحمل، وكان قبل ذلك عند حلول الشمس نصف الحوت، وصار ما فعله النظام مبدأ التقاويم.

[ ص: 651 ] وفي سنة ثمان خطب للمقتدي بدمشق، وأبطل الأذان بـ(حي على خير العمل) ، وفرح الناس بذلك.

وفي سنة تسع وستين: قدم بغداد أبو نصر بن الأستاذ أبي القاسم القشيري، فوعظ بالنظامية، وجرى له فتنة كبيرة مع الحنابلة; لأنه تكلم على مذهب الأشعري، وحط عليهم، وكثر أتباعه والمتعصبون له، فهاجت فتن، وقتلت جماعة.

وعزل فخر الدولة بن جهير من وزارة المقتدي; لكونه شذ من الحنابلة.

وفي سنة خمس وسبعين: بعث الخليفة الشيخ أبا إسحاق الشيرازي رسولا إلى السلطان يتضمن الشكوى من العميد أبي الفتح.

وفي سنة ست وسبعين: رخصت الأسعار بسائر البلاد، وارتفع الغلاء.

وفيها: ولى الخليفة أبا شجاع محمد بن الحسين الوزارة، ولقبه: ظهير الدين، وأظن ذلك أول حدوث التلقيب بالإضافة إلى الدين.

وفي سنة سبع وسبعين: سار سليمان بن قتلمش السلجوقي صاحب قونية وأقصراء بجيوشه إلى الشام، فأخذ أنطاكية وكانت بيد الروم من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وأرسل إلى السلطان ملكشاه يبشره.

[ ص: 652 ] قال الذهبي : (وآل سلجوق هم ملوك بلاد الروم، وقد امتدت أيامهم وبقي منهم بقية إلى زمن الملك الظاهر بيبرس).

وفي سنة ثمان وسبعين: جاءت ريح سوداء ببغداد، واشتد الرعد والبرق، وسقط رمل وتراب كالمطر، ووقعت عدة صواعق، وظن الناس أنها القيامة، وبقيت ثلاث ساعات بعد العصر، وقد شاهد هذه الكائنة الإمام أبو بكر الطرطوشي، وأوردها في «أماليه».

وفي سنة تسع وسبعين: أرسل يوسف بن تاشفين صاحب سبتة ومراكش إلى المقتدي يطلب أن يسلطنه وأن يقلده ما بيده من البلاد، فبعث إليه الخلع والأعلام والتقليد، ولقبه: بأمير المسلمين، ففرح بذلك وسر به فقهاء المغرب، وهو الذي أنشأ مدينة مراكش.

وفيها: دخل السلطان ملكشاه شاه بغداد، وهو أول دخوله إليها، فنزل بدار المملكة، ولعب بالكرة، وقدم تقادم للخليفة، ثم رجع إلى أصبهان .

وفيها: قطعت خطبة العبيدي بالحرمين، وخطب للمقتدي.

وفي سنة إحدى وثمانين: مات ملك غزنة المؤيد إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين، وقام مقامه ابنه جلال الدين مسعود .

[ ص: 653 ] وفي سنة ثلاث وثمانين: عملت ببغداد مدرسة لتاج الملك مستوفي الدولة بباب أبرز، ودرس بها أبو بكر الشاشي .

وفي سنة أربع وثمانين: استولت الفرنج على جميع جزيرة صقلية، وأول ما فتحها المسلمون بعد المائتين، وحكم عليها آل الأغلب دهرا، إلى أن استولى العبيدي المهدي على المغرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية