صفحة جزء
فصل

في الأحاديث المبشرة بخلافة بني العباس

قال البزار : حدثنا يحيى بن معلى بن منصور، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن محمد بن عبد الرحمن العامري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس : « فيكم النبوة والمملكة » العامري ضعيف، وقد أخرجه أبو نعيم في «دلائل النبوة»، وابن عدي في «الكامل»، وابن عساكر من طرق عن ابن أبي فديك به.

وقال الترمذي : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: إذا كان غداة الاثنين.. فأتني أنت وولدك، حتى أدعو لهم بدعوة ينفعك الله بها وولدك» فغدا وغدونا معه، وألبسنا كساء، ثم قال: «اللهم، اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة، لا تغادر ذنبا، اللهم، احفظه في ولده» هكذا أخرجه الترمذي في «جامعه».

وزاد رزين العبدري في آخره: واجعل الخلافة باقية في عقبه».

[ ص: 80 ] قلت: هذا الحديث والذي قبله أصلح ما ورد في هذا الباب.

وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر، عن يزيد بن ربيعة، عن أبي الأشعث، عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت بني مروان يتعاورون على منبري فسائني ذلك، ورأيت بني العباس يتعاورون على منبري فسرني ذلك».

التعاور: التداول.

وقال أبو نعيم في «الحلية»: حدثنا محمد بن المظفر، حدثنا عمر بن الحسن بن علي، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن صالح العدوي، حدثنا ابن جعفر التميمي، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، أخبرني علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقاه العباس، فقال: «ألا أبشرك يا أبا الفضل؟» قال: بلى يا رسول الله، قال: «إن الله افتتح بي هذا الأمر، وبذريتك يختمه» إسناده ضعيف.

وقد ورد من حديث علي بإسناد أضعف من هذا، أخرجه ابن عساكر من طريق محمد بن يونس الكديمي - وهو وضاع - عن إبراهيم بن سعيد الأشقر، عن خلف بن خليفة، عن أبي هاشم، ،عن محمد ابن الحنفية عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: «إن الله فتح هذا الأمر بي، ويختمه بولدك».

[ ص: 81 ] وورد أيضا من حديث ابن عباس أخرجه الخطيب في «التاريخ»، ولفظه: « بكم يفتح هذا الأمر، وبكم يختم »، وسيأتي بسنده في ترجمة المهتدي بالله .

وورد أيضا من حديث عمار بن ياسر أخرجه الخطيب.

وقال في «الحلية»: حدثنا محمد بن المظفر، حدثنا نصر بن محمد، حدثنا علي بن أحمد السواق، حدثنا عمر بن راشد، حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح، عن أبيه، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون من ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي، يعز الله بهم الدين» عمر بن راشد ضعيف.

وقال أبو نعيم في «الدلائل»: حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن زيد، حدثنا المنتصر بن نصر بن المنتصر، حدثنا أحمد بن راشد بن خثيم، [ثنا عمي سعيد بن خثيم ]، عن حنظلة، عن طاوس، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: حدثتني أم الفضل قالت: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنك حامل بغلام، فإذا ولدت... فأتني به»، فلما ولدت.. أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى، وألبأه من ريقه، وسماه عبد الله، وقال: «اذهبي بأبي الخلفاء»، فأخبرت العباس، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هو ما أخبرتك، هو أبو الخلفاء، حتى يكون منهم السفاح، حتى يكون منهم المهدي، حتى يكون منهم من يصلي بعيسى ابن مريم عليه السلام».

[ ص: 82 ] وقال الديلمي في «مسند الفردوس»: أخبرنا عبدوس بن عبد الله كتابة، أخبرنا الحسين بن فنجويه، حدثنا عبد الله بن أحمد بن يعقوب المقرئ، حدثنا العباس بن علي النسائي، حدثنا يحيى بن يعلى الرازي، حدثنا سهل بن تمام، حدثنا الحارث بن شبل، حدثتنا أم النعمان، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: ستكون لولد العباس راية، ولن تخرج من أيديهم ما أقاموا الحق».

وقال الدارقطني في «الأفراد»: حدثنا عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي، حدثنا محمد بن هارون السعدي، حدثنا أحمد بن إبراهيم الأنصاري، عن أبي يعقوب بن سليمان الهاشمي، سمعت المنصور يقول: حدثني أبي، عن جدي، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس : «إذا سكن بنوك السواد، ولبسوا السواد، وكان شيعتهم أهل خراسان.. لم يزل الأمر فيهم حتى يدفعوه إلى عيسى ابن مريم»، أحمد بن إبراهيم ليس بشيء، وشيخه مجهول، والحديث ضعيف بمرة، حتى إن ابن الجوزي ذكره في «الموضوعات».

وله شاهد أخرجه الطبراني في «الكبير» عن أحمد بن داود المكي، عن محمد بن إسماعيل بن عون النيلي، عن الحارث بن معاوية بن الحارث، عن أبيه، عن جده أبي أمه، عن أم سلمة رضي الله عنها مرفوعا: الخلافة في ولد عمي صنو أبي، حتى يسلموها إلى المسيح». وأخرجه الديلمي من وجه آخر عن أم سلمة رضي الله عنها.

[ ص: 83 ] وقال العقيلي في كتاب «الضعفاء»: حدثنا أحمد بن محمد النصيبي، حدثنا إبراهيم بن المستمر العروقي، حدثنا أحمد بن سعيد الجبيري، حدثنا عبد العزيز بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن جده [عن] أبي بكرة رضي الله عنه مرفوعا: « يلي ولد العباس من كل يوم تليه بنو أمية يومين، ولكل شهر شهرين ».

هذا حديث أورده ابن الجوزي في «الموضوعات» وأعله ببكار، وليس كما قال، فإن بكارا لم يتهم بكذب ولا وضع، بل قال فيه ابن عدي: هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم، ثم قال: وأرجو أنه لا بأس به.

ولعمري!! فليس معنى الحديث ببعيد; فإن دولة العباسيين في حال علوها ونفوذ كلمتها في أقطار الأرض شرقا وغربا، ما عدا أقصى المغرب.. كانت من سنة بضع وثلاثين ومائة إلى سنة بضع وتسعين ومائتين، حتى تولى المقتدر، وفي أيامه انخرم النظام، وخرجت المغرب بأسرها عن أمره، ثم تتابع الفساد والاختلال في دولته وبعده كما سيأتي، فكانت أيام شموخ مملكتهم مائة وبضعا وستين سنة، وهي ضعف أيام بني أمية الشامخة; فإنها كانت اثنتين وتسعين سنة، منها تسع سنين الأمر فيها لابن الزبير أكثر، فصفت ثلاثة وثمانين سنة وكسرا، وهي ألف شهر سواء.

ثم وجدت للحديث شاهدا، قال الزبير بن بكار في «الموفقيات»: حدثني علي بن صالح، عن جدي عبد الله بن مصعب، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لمعاوية : (لا تملكون يوما.. إلا ملكنا يومين، ولا شهرا.. إلا ملكنا شهرين، ولا حولا.. إلا ملكنا حولين).

وقال الزبير بن بكار في «الموفقيات»: حدثني علي بن المغيرة عن ابن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [ ص: 84 ] (الرايات السود لنا أهل البيت)، وقال: (لا يجيء هلاكها إلا من قبل المغرب).

وقال ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: أنبأنا أبو القاسم بن بيان، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا جعفر بن محمد الواسطي، حدثنا محمد بن يونس الكديمي، حدثنا عبد الله بن سوار العنبري، حدثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان، عن أبي رجاء العطاردي، عن عبد الله بن عباس، عن أبيه رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: اللهم، انصر العباس وولد العباس»، قالها ثلاثا، ثم قال: «يا عم، أما شعرت أن المهدي من ولدك، موفقا راضيا مرضيا؟ !» الكديمي وضاع.

وقال ابن سعد في «الطبقات»: حدثنا محمد بن عمر، أخبرنا عمر بن عقبة الليثي، عن شعبة مولى ابن العباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أرسل العباس بن عبد المطلب إلى بني عبد المطلب، فجمعهم عنده، وكان علي عنده بمنزلة لم يكن أحد بها، فقال العباس: يا ابن أخي، إني قد رأيت رأيا لم أحب أن أقطع فيه شيئا حتى أستشيرك. فقال علي: ما هو؟ قال: ندخل على النبي صلى الله عليه وسلم فنسأله: إلى من هذا الأمر من بعده، فإن كان فينا.. لم نسمله - والله - ما بقي منا في الأرض طارف، وإن كان في غيرنا.. لم نطلبها بعد أبدا؟ قال علي: يا عم، وهل هذا الأمر إلا إليك؟ وهل أحد ينازعكم في هذا الأمر؟ !.

التالي السابق


الخدمات العلمية