الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 335 ] فصل ( في حكم السلام على المصلي المتوضئ والمؤذن والآكل والمتخلي وهل يكره أن يسلم على المصلي وأن يرد إشارة ؟ )

على روايتين ( إحداهما ) : يكره وهو الذي قدمه في الرعاية .

( والثانية ) : لا يكره للعموم ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أصحابه حين سلموا عليه ، وذلك في البخاري ومسلم ، ولأن { النبي صلى الله عليه وسلم رد إشارة على ابن عمر وصهيب . } روى ذلك جماعة منهم : أحمد وأبو داود والترمذي وصححهما ، وعنه لا يكره ذلك في النفل فقط وقيل إن علم المصلي كيفية الرد جاز وإلا كره ، وعنه يجب رده إشارة .

وقال في المحرر : له رد السلام إشارة .

وقال في الشرح : يرد السلام إشارة ، وهو قول مالك والشافعي ، وإن رد عليه بعد فراغه من الصلاة فحسن لأن ذلك جاء في حديث ابن مسعود ، فإن رد في صلاته لفظا بطلت ، وبه قال الثلاثة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد على ابن مسعود ، قال ابن مسعود : فسألته فقال : { إن الله عز وجل يحدث ما يشاء وإنه قد أحدث من أمره أن لا يتكلم في الصلاة . } رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، والبيهقي ، وقال : رواه جماعة من الأئمة عن عاصم بن أبي النجود وتداوله الفقهاء بينهم ، وكان الحسن وابن المسيب وقتادة لا يرون به بأسا ، وعن أبي هريرة أنه أمر بذلك ، وقال إسحاق إن فعله متأولا جازت صلاته .

وروى النسائي عن عمار { أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فرد عليه } .

ويكره على المتوضئ ، كذا ذكره ابن تميم عن الشيخ أبي الفرج وذكره أيضا في الرعاية وزاد : ورده منه .

وروى المهاجر بن قنفذ { أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه فرد عليه وقال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهارة } بإسناده جيد رواه [ ص: 336 ] جماعة منهم أحمد وابن ماجه وأبو حاتم في صحيحه وقال : أراد به الفضل لأن الذكر على الطهارة أفضل لا أنه مكروه غير جائز .

ويكره السلام على من يقضي حاجته ورده منه ، نص عليه أحمد لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد على الذي سلم عليه وهو يبول . رواه مسلم وغيره وقدم في الرعاية الكبرى أن الرد لا يكره لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد . كذا رواه الشافعي من رواية إبراهيم بن أبي يحيى وإبراهيم ضعيف عند الأكثرين .

قال الشيخ وجيه الدين يكره السلام على من هو في شغل يقضيه كالمصلي والآكل والمتغوط وإن لقي طائفة فخص بعضهم بالسلام كره انتهى كلامه . وظاهره كراهة السلام على المؤذن ، وقد قال أحمد في رواية علي بن سعيد وقد سأله عن المؤذن يتكلم في الأذان فقال : لا ، فقيل له يرد السلام ؟ قال : السلام كلام ، وجعل القاضي هذا النص مستند رواية كراهة الكلام في الأذان ، فإنه حكى في كراهة الكلام روايتين وأنه يكره في الإقامة ، فدل ذلك على أنه لا يكره على الرواية الأخرى ، وأن عليهما تخرج كراهة السلام عليه ، وإذا وجب رد المصلي إشارة واستحب بعد الفراغ فههنا أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية