الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 396 ] فصل ( في الروائح الطيبة وفائدتها في الصحة ) .

وللرائحة الطيبة أثر في حفظ الصحة فإنها غذاء الروح ، والروح مطية القوى ، والقوى تزداد بالطيب وهو ينفع الأعضاء الباطنة كالدماغ والقلب ويسر النفس ، وهو أصدق شيء للروح وأشده ملاءمة ، ولهذا في مسلم من حديث ابن عمر أنه عليه السلام تبخر { بالألوة } بفتح الهمزة وضمها ، وهي العود الذي يتبخر به وبكافور يطرحه معها . وللنسائي والبخاري في تاريخه من حديث عائشة { أنه عليه السلام كان يطيب بالمسك والعنبر ، } وفي الصحيح أو في الصحيحين { أنها طيبته لإحرامه ولحله منه بالمسك } . روى النسائي عن الحسين بن عيسى القومسي عن عفان عن سلام بن سليمان أبي المنذر عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { حبب إلى من الدنيا النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة } ورواه أحمد عن عفان أو عن غيره عن سلام . وسلام قال ابن معين : لا بأس به .

وقال أبو حاتم : صدوق . وقال العقيلي : لا يتابع حديثه ثم ذكر هذا الحديث ، قال : وقد روي من غير هذا الوجه بسند فيه لين أيضا .

ورواه النسائي أيضا عن علي بن مسلم عن سيار بن حاتم عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس فذكره إسناد جيد .

وفي مسلم من حديث أبي هريرة { : أنه عليه السلام قال من عرض عليه ريحان فلا يرده فإنه طيب الريح خفيف المحمل } . ولأحمد وأبي داود والنسائي { : من عرض عليه طيب فلا يرده ; فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة } وفي البخاري عن أنس { أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب } وروى هؤلاء إلا البخاري عن أبي سعيد { : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسك : هو أطيب طيبكم } وعنه أيضا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { غسل الجمعة واجب [ ص: 397 ] على كل محتلم والسواك وأن يمس من طيب ما يقدر عليه } متفق عليه

والملائكة عليهم السلام تحب الرائحة الطيبة وتتأذى بالرائحة الخبيثة كما في قصة البصل والثوم والكراث ، والشياطين لعنهم الله عكسهم كما في الحديث المشهور { إن هذه الحشوش محتضرة } أي : بالشياطين .

وفي مسند البزار عن النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله طيب يحب الطيب ، نظيف يحب النظافة كريم يحب الكريم ، جواد يحب الجود ، فنظفوا أفناءكم وساحاتكم ، ولا تشبهوا باليهود يجمعون الأكباء في دورهم } الكبا بكسر الكاف مقصور : الكناسة ، والجمع الأكباء مثل : معى وأمعاء ، والكبة مثله والجمع كبون .

التالي السابق


الخدمات العلمية