الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 439 ] فصل ( في الخبز وما ورد فيه ; وأنواعه وخواصها ) .

وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكر الألبان في فصول آداب الأكل وذكر مفردات ورد فيها شيء ومنها الجبن والسمن والزبد . وأما ذكر الخبز فسبق فيه شيء في الفصل قبله ، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم { تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده نزلا لأهل الجنة } عن ابن عباس قال { كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الثريد من الخبز والثريد من الحيس } رواه أبو داود .

وروى أيضا عن ابن عمر مرفوعا { وددت أن عندي خبزة بيضاء من برة سمراء مقلية بسمن ولبن فقام رجل من القوم فاتخذه ، فجاء به فقال في أي شيء كان هذا السمن ؟ فقال في عك ضب قال ارفعه ، } وروى البيهقي عن عائشة مرفوعا { أكرموا الخبز ومن كرامته أن لا تنتظر به الأدم } ولا يصح هذا وأظن ولا الذي قبله وقد روي ذكر الخبز في أحاديث .

وأحمد أنواع الخبز أجوده اختمارا وعجنا ثم خبز التنور أجود من غيره ثم خبز الفرن ثم خبز الملة لاحتراق ظاهره وقلة نضج باطنه ويسيء الهضم . وأجوده الخبز الذي من الحنطة الحديثة يسمن بسرعة ، وأكثر أنواعه تغذية خبز السميد المتخذ من لباب الحنطة وأبطؤه هضما لقلة نخالته ولذلك يولد سدادا والقريب العهد بالطحن يحبس البطن والبعيد بالعكس .

قال بعضهم : وأحمد أوقات أكله في آخر اليوم الذي خبز فيه واللين منه أكثر تليينا وغذاء وترطيبا وأسرع انحدارا واليابس بخلافه ، والخبز الحار يعطش ويصفر لرطوبته البخارية ويشبع بسرعة لذلك ، وهو أسرع انهضاما وأبطأ انحدارا والخبز اليابس يعقل . والفطير إذا جعل في الماء رسب والمختمر جدا يطفو والمتوسط يتوسط ، والفطير بطيء الهضم يولد الرياح [ ص: 440 ] والحصى والسداد ، وقد يقع من يداومه في أمراض خطرة لا يكاد يتخلص منها ، ومما يقلل ضرره الزنجبيل والأطريفل بعده أو ماء العسل والرياضة والاستحمام ، والفتيت نفاخ بطيء الهضم والمعمول باللبن مسدد كثير الغذاء بطيء الانحدار ، وخبز الأبازير الذي يعجن بشيرج وسمسم يتخم ويؤذي المعدة ويولد خلطا رديئا ، ويصلحه اللبن أو السكر أو العسل ، والخبز حار في وسط الدرجة الثانية قريب من الاعتدال في الرطوبة واليبس يغلب على ما جففته النار منه والرطوبة على ضده .

والقطائف غليظة مسمنة مغذية للبدن جدا . والزلابية أخف منها وأسرع هضما تنفع من السعال الرطب ورطوبة الصدر والرئة وتولد سخونة ، ويصلحها أن يؤخذ معها السكنجبين أو الرمان المز ، وقد يولد سددا . وخبز الشعير بارد يابس في الأول قليل الغذاء رديئه يصلحه الأشياء الدهنة ، ودقيق الحنطة ينقي الوجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية