الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 19 ] فصل ( في خواص الثفا أي حب الرشاد والصبر ) .

عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { ماذا في الأمرين من الشفا ؟ الصبر والثفا } رواه أبو عبيد وغيره ورواه أبو داود في المراسيل من حديث قيس بن رافع القيسي مرسلا مرفوعا ولأبي داود والنسائي من حديث أم سلمة { إن الصبر يشب الوجه } أما الثفا فهو الحرف بضم الحاء وبسكون الراء وبالفاء حب الرشاد . وقيل : شيء حريف بكسر الحاء والراء مشددة وهو الذي يلذع اللسان بحرارته

وكذلك بصل حريف ولا تقل : حريف والرشاد في الحرارة واليبوسة في الدرجة الثالثة يسخن ويلين البطن ويخرج الدود وحب القرع ويحلل أورام الطحال ويحرك شهوة الجماع ، ويجلو الجرب المتقرح والقوبا وإذا تضمد به مع العسل حلل ورم الطحال وإذا طبخ في الحناء أخرج الفضول التي في الصدر وشربه ينفع من نهش الهوام ولسعها .

وإذا دخن به في موضع طرد الهوام عنه ويمسك الشعر المتساقط وإذا تضمد به مع الماء والملح نضج الدمامل ، وينفع من الاسترخاء في جميع الأعضاء ، ويزيد في الباه ويشهي الطعام ، وينفع من الربو وعسر النفس وغلظ الطحال وينقي الرئة ويدر الطمث ، وينفع من عرق النساء ووجع الورك مما يخرج من الفضول إذا شرب أو احتقن به ، ويجلو ما في الصدر من البلغم اللزج ويحلل الرياح لا سيما وزن درهم مسحوقا بماء حار مع إسهال أيضا ، وينفع شربه مسحوقا من البرص ، وإن لطخ عليه وعلى البهق الأبيض بالخل منهما ، وينفع من الصداع عن برد وبلغم ، وإن غلي وشرب عقل البطن لا سيما إذا لم يسحق لتحلل لزوجته بالقلي ، وإن غسل بمائه الرأس نقاه من الأوساخ والرطوبات اللزجة قال جالينوس قوته مثل بزر الخردل شبيه به في كل شيء وقال بعضهم : إنه يضر [ ص: 20 ] بالمعدة والمثانة ، وإنه يحدث تقطير البول ، وإنه ينبغي أن يؤكل معه الهندبا ; لأن الهندبا بارد ملطف جيد للمعدة الملتهبة والكبد محلل السدد .

وأما الصبر بكسر الباء ولا تسكن إلا ضرورة الدواء المعروف فحار يابس في الثانية وقيل : حرارته في الثانية وقيل : في الأولى ، وقيل : يبسه في الثانية وقوته قابضة مجففة والهندي منه كثير المنافع يجفف بغير لذع ، وينفع بالعسل على آثار الضربة ويدمل الداحس وعلى الشعر المتساقط فيمنعه ، وينفع من أورام السفل والمذاكير ويدمل القروح التي قد عسر اندمالها وينقي الفضول الصفراوية من الرأس ويطلى على الأنف ويسهل السوداء ، وينفع من قروح العين وجربها ووجع المآق ويجفف رطوبتها ، ويحد البصر وينقي البلغم من المعدة وربما نفعنا في يوم واحد .

وقد يتناول منه بكرة وعشية حبات مخلوطة بالطعام فتسهل البطن من غير أن نفسد الطعام ، وقدر شربته إذا كان مفردا ما بين نصف درهم إلى درهمين بماء حار فيسهل بلغما وصفراء ، وإذا غسل كان أضعف إسهالا وإذا كان مع الأدوية فشربته من دانقين إلى نصف درهم وهو يضر بالمعى ويعدل بالكثير أو يضر بالكبد والسفل ويصلحه الورد والمصطكى . وسقي الصبر في البرد خطر ، فإنه ربما أسهل دما ، والعربي من الصبر يكرب ويمغص والسنجاري من الصبر أسود لا يصلح استعماله بحال ، فإنه رديء جدا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية