الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 90 ] فصل ( في أخبار أكله صلى الله عليه وسلم من الشاة المسمومة ومعالجة السم ) .

في الصحيحين عن أنس { أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أردت لأقتلك قال ما كان الله ليسلطك على ذلك أو قال علي قالوا : ألا نقتلها قال : لا فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم } لم يقل البخاري : فسألها إلى قوله علي .

وقال البخاري وقال يونس عن الزهري قال عروة قالت عائشة { كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه : يا عائشة ما زال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم } .

وفي البخاري عن أبي هريرة قال { لما فتحت خيبر أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم فقال اجمعوا لي من كان ههنا من اليهود فجمعوا فقال لهم : إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقوني إن سألتكم عنه فقالوا : نعم يا أبا القاسم . فقال لهم من أبوكم فقالوا أبونا فلان . فقال لهم : كذبتم بل أبوكم فلان قالوا صدقت وبررت . فقال لهم : هل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه فقالوا : نعم يا أبا القاسم ، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا . فقال لهم من أهل النار فقالوا : نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسئوا فيها والله لا نخلفكم فيها أبدا ثم قال لهم : هل أنتم صادقوني عن شيء إن سألتكم عنه فقالوا : نعم . فقال هل جعلتم في هذه سما فقالوا نعم . فقال ما حملكم على ذلك فقالوا : أردنا إن كنت كذابا أن نستريح منك ، وإن كنت نبيا لم يضرك } .

وفي كتاب عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن [ ص: 91 ] كعب بن مالك { أن امرأة يهودية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاة مصلية بخيبر فأكل النبي صلى الله عليه وسلم وأكل أصحابه ثم قال أمسكوا ثم قال للمرأة : هل سميت هذه الشاة ؟ قالت : من أخبرك بهذا قال : هذا العظم لساقها وهو في يده . قالت : نعم قال : لم ؟ قالت : أردت إن كنت كاذبا أن يستريح منك الناس ، وإن كنت نبيا لم يضرك قال : فاحتجم النبي ثلاثة على الكاهل وأمر أصحابه فاحتجموا فمات بعضهم } ، وفي طريق أخرى { فاحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة حجمه أبو هند بالقرن والشفرة وهو مولى لبني بياضة من الأنصار بقي بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي توفي فيه فقال : ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر حتى كان هذا أوان انقطاع أبهري مني فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدا قاله ابن عقبة وكذا قال الزهري : فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدا . ا هـ }

اللهوات بفتح اللام والهاء جمع لهاة بفتح اللام وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أصل الحنك قاله الأصمعي ، وقيل : اللحمات اللواتي في سقف أقصى الفم . وقوله " ما زلت أعرفها " أي العلامة كأنه بقي للسم علامة والأبهر عرق إذا انقطع مات صاحبه وهما أبهران يخرجان من القلب ثم يتشعب منهما سائر الشرايين .

وهذه اليهودية هي زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودي ، ذكره موسى بن عقبة وهي امرأة سلام بن مشكم واختلف هل قتلها .

وقال الزهري : أسلمت فتركها رواه عبد الرزاق عن معمر عنه . ثم قال معمر : والناس يقولون قتلها النبي صلى الله عليه وسلم ونقل ابن سحنون إجماع أهل الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قتلها .

وقال جابر : قتلها النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو هريرة : قتلها لما مات بشر بن البراء وفي رواية ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم دفعها إلى أولياء بشر بن معرور وكان أكل منها فمات فقتلوها فلم يقتلها في الحال ، فلما مات بشر سلمها لأوليائه فقتلوها قصاصا } فهذا أظهر من غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية