الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 120 ] فصل ( في كراهة سب الحمى وتكفيرها للذنوب كغيرها وأنواعها وعلاجها ) .

عن جابر رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال : ما لك يا أم السائب أو يا أم المسيب تزفزفين ؟ فقالت : الحمى لا بارك الله فيها فقال لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد } رواه مسلم " تزفزفين " تتحركين حركة سريعة ومعناه ترتعد وهو بضم التاء ، والراء المكررة ، والفاء المكررة ، وروي أيضا بالراء المكررة ، والقافين ولم يصب من قال :

زارت مكفرة الذنوب وودعت تبا لها من زائر ومودع     قالت وقد عزمت على ترحالها
ماذا تريد فقلت ألا ترجعي

ولا من قال :

زارت مكفرة الذنوب لصبها     أهلا بها من زائر ومودع
قالت وقد عزمت على ترحالها     ماذا تريد فقلت ألا تقلعي

لأن الأول ارتكب النهي عن سبها ، والثاني ترك الأمر بسؤال العفو ، والعافية وأراد بقاء المرض .

وفي البخاري أن ابن عمر كان يقول اكشف عنا الرجز ولأحمد ، والبخاري ومسلم من حديث ابن مسعود { ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها } . ولأحمد عن شداد أنه عاد مريضا فقال : اشكر كفارات السيئات وحط الخطايا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { يقول الله عز وجل إني إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه كيوم ولدته أمه من الخطايا } وفيه راشد بن داود الصنعاني وهو مختلف فيه .

وفي الموطأ عن عطاء بن يسار مرسلا { إذا مرض العبد [ ص: 121 ] بعث الله إليه ملكين فقال انظروا ماذا يقول لعواده ؟ فإذا هو إذا جاءه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله وهو أعلم فيقول : إن لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة ، وإن أنا شفيته أن أبدله لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ، وأن أكفر عنه سيئاته } ولأحمد من حديث أبي أمامة { الحمى كير جهنم ما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار } ولأحمد وابن ماجه هذا المعنى من حديث أبي هريرة . ولمالك وأحمد ومسلم من حديث عائشة { ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلا كتبت له بها حسنة ومحيت عنه بها خطيئة } وفي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إن الحمى أو شدة الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء }

فيح جهنم شدة لهبها وانتشارها وكذا قال عليه الصلاة والسلام { أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم } قيل هو دقيقة وأنموذج من جهنم ليعتبر به العباد وقدر الله ظهوره بأسباب تقتضيه وهذا هو الصحيح .

ولهذا في الصحيحين أو في مسلم { اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين } وذكر الحديث وقيل المراد التشبيه فشبه هذا بفيح جهنم تنبيها على عذاب جهنم أجارنا الله ، والمسلمين منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية