الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 164 ] فصل ( في التكني ما يستحب منه وما يكره ) .

يكره أن يتكنى بأبي يحيى وأبي عيسى ذكره في المستوعب والرعاية وذكره القاضي وابن عقيل ولم يذكر له دليلا .

وقال أحمد في رواية ابن منصور عمن كره أن يكنى بأبي عيسى قال الشيخ تقي الدين : فإنما كره أبا عيسى دون أبي يحيى ، والفرق ظاهر انتهى كلامه .

وروى أبو داود ثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء ثنا أبو هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب ابنا له يكنى أبا عيسى . وأن المغيرة تكنى بأبي عيسى فقال له عمر أما يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كناني " فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنا في جلجنا فلم يزل يكنى بأبي عبد الله حتى هلك ، كلهم ثقات ورواه البيهقي من طريق أبي داود . وقد روى ابن ماجه : ثنا أبو بكر ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن حمزة بن صهيب { أن عمر قال لصهيب ما لك تكنى بأبي يحيى وليس لك ولد قال كناني رسول الله بأبي يحيى } إسناده حسن

وعن أبي القاسم روايات الكراهة وعدمها ، والثالثة إن اكتنى بها من اسمه محمد كره وإلا فلا ذكرهن القاضي وغيره عن جابر مرفوعا { تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي فإنما أنا قاسم أقسم بينكم } . وعن أنس قال : { نادى رجل بالبقيع يا أبا القاسم ، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعنك إنما عنيت فلانا فقال سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي } متفق عليهما . وعن علي رضي الله عنه { قلت يا رسول الله إن ولد لي من بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك قال نعم } رواه أبو داود والبيهقي بإسناد جيد وفيه فطر بن خليفة .

وروى [ ص: 165 ] البيهقي عن ابن الحنفية قال كانت رخصة لعلي رواهما أحمد وروى أبو داود ثنا النفيلي ثنا محمد بن عمران الحجبي عن جدته صفية بنت شيبة عن عائشة قالت { جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني ولدت غلاما فسميته محمدا وكنيته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك ؟ فقال ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي ؟ أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي } رواه أحمد ورواه البيهقي من طريق أبي داود .

وروى البيهقي أيضا بإسناد جيد من حديث هشام ثنا أبو الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي } ورواه أبو داود عن مسلم عن هشام .

ورواه الترمذي من طريق آخر عن أبي الزبير وقال حسن غريب ، ورواه أحمد قال البيهقي : وروي ذلك من وجه آخر عن أبي هريرة واختلف عليه .

وذكر البيهقي أن مالكا كان يقول إنما نهي عن ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كراهية أن يدعى أحد باسمه أو كنيته فيلتفت النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فلا بأس بذلك .

روى البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ سمعت أبا العباس أحمد بن يعقوب سمعت الربيع بن سليمان سمعت الشافعي يقول لا يحل لأحد أن يكتني بأبي القاسم كان اسمه محمدا أو غيره قال البيهقي : وروينا معنى هذا عن طاوس قال وأحاديث النهي على الإطلاق أكثر وأصح فالحكم لها ، وحديث علي يدل على أنه عرف نهيا حتى سأل الرخصة له وحده وقد يحتمل حديث عائشة رضي الله عنها إن صح طريقه أن يكون نهيه وقع في الابتداء على الكراهة ، والتنزيه لا على غير التحريم فحين توهمت المرأة أنه على التحريم بين أنه على غير التحرم قال ، والأول أظهر .

وظاهر ما ذكره أصحابنا أن التكني بغير ذلك لا يكره وقال ابن الأثير في النهاية في حديث أبي شريح أنه كان يكنى أبا الحكم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم { إن الله هو الحكم وكناه بأبي شريح } قال وإنما كره له ذلك لئلا يشارك الله تعالى في صفته ، ويجوز أن يكتنى بولد قبل حصوله وبحيوان صغير [ ص: 166 ] للأثر ذكره غير واحد قال أحمد في رواية حنبل لا بأس أن يكنى الصبي { قال النبي لأبي عمير وكان صغيرا يا أبا عمير ما فعل النغير } .

وقال ابن منصور قلت لأحمد تكنى المرأة قال نعم عائشة كناها النبي صلى الله عليه وسلم بأم عبد الله قال إسحاق كما قال صح عن هشام عن عروة عن عائشة { أنها قالت يا رسول الله كل صواحبي لهن كنى قال فاكتني بابن أختك عبد الله . قال مسدد عبد الله بن الزبير قال فكانت تكنى أم عبد الله } رواه أبو داود وغيره ولأحمد وأبي داود عن عائشة قالت { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بابن الزبير فحنكه بتمرة وقال هذا عبد الله وأنت أم عبد الله } .

وقال أبو طالب سألته يكني الرجل أهل الذمة قال قد كنى النبي صلى الله عليه وسلم أسقف نجران وعمر قال يا أبا حسان أي : كنى رجلا أنه لا يكون به بأس قال أبو بكر في زاد المسافر روى معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي قتادة مرسلا { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسقف نجران يا أبا الحارث أسلم تسلم } .

التالي السابق


الخدمات العلمية