الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 260 ] فصل ( في التجارة إلى بلاد الأعداء ومعاملة الكفار )

تكره التجارة والسفر إلى أرض العدو وبلاد الكفر مطلقا قال ابن حمدان والخوارج والبغاة والروافض والبدع المضلة ونحو ذلك ، وإن عجز عن إظهار دينه فيها حرم سفره إليها .

وقال الشيخ تقي الدين في اقتضاء الصراط المستقيم : وعن أحمد في جواز حمل التجارة إلى أرض الحرب روايتان منصوصتان فقد يقال : إن بيع المسلمين لهم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللباس ، ونحو ذلك كحملها إلى أرض الحرب فيه إعانة على دينهم في الجملة ، وإذا منعنا منها إلى أرض الحرب فهنا أولى .

وذكر في موضع آخر فيه احتمالين وأن الأقوى أنه لا يجوز . وذكر عبد الملك في الواضحة أنه مذهب مالك وكذلك مهاداتهم ما يستعينون به على أعيادهم ، أما بيع السلاح لأهل الحرب فلا يجوز ، والمسألة مذكورة في الفقه .

وقال أبو داود ( باب حمل السلاح إلى أرض العدو ) ثنا مسدد ثنا عيسى بن يونس أخبرني أبي إسحاق عن ذي الجوشن رجل من الضباب قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من أهل بدر بابن فرس لي يقال له القرحا فقلت يا محمد إني جئتك بابن القرحا ، لتتخذه قال : لا حاجة لي فيه ، وإن شئت أن أقضيك به المختارة من دروع بدر فعلت . قلت : ما كنت أقبضه اليوم بغرة قال : فلا حاجة لي فيه } يونس قواه جماعة .

وروى له مسلم وضعفه جماعة منهم الإمام أحمد وقال : مضطرب الحديث وفيه أنه سمى الفرس غرة وأكثر ما جاء ذكر الغرة . [ ص: 261 ]

( فصل ) : قال إسحاق بن إبراهيم سئل أبو عبد الله عن نصارى وقفوا ضيعة للبيعة أيستأجرها المسلم منهم قال : لا يأخذها بشيء ، ولا يعينهم على ما هم فيه .

وقال أيضا : سمعت أبا عبد الله وسأله رجل بناء أبني للمجوس ناووسا قال لا تبن لهم ، ولا تعنهم على ما هم فيه ، وقد نقل عنه محمد بن الحكم وسأله عن الرجل المسلم يحفر لأهل الذمة قبرا بكراء قال لا بأس به ، والفرق بينهما أن الناووس من خصائص دينهم الباطل كالكنيسة بخلاف القبر المطلق فإنه ليس في نفسه معصية ولا من خصائص دينهم قاله في اقتضاء الصراط المستقيم .

وذكر أن أحمد أطلق المنع قال : وكذا أطلقه الآمدي وغيره ومثل هذا ما لو اشترى من المال الموقوف للكنيسة ونحو ذلك ، والمنع هنا أشد ; لأن نفس هذا المال الذي يبذله يصرف في المعصية فهو كبيع العصير لمن يتخذه خمرا ، وذكر كلاما كثيرا قال الشافعي رحمه الله في الأم وأكره للمسلم بناء أو تجارة أو غيره في كنائسهم التي لصلاتهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية